#تقرير_خاص: الترفيه في السعودية: هل يهدد الهوية الدينية للبلاد؟
فاطمة مويس
في السنوات الأخيرة، شهدت المملكة العربية السعودية تحولًا جذريًا في استراتيجيتها السياحية، حيث أصبحت الفعاليات الترفيهية تحتل مركز الصدارة. وقد أشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، إلى أن موسم الرياض لهذا العام قد استقطب 10 ملايين زائر، مما يعكس نجاح هذه الاستراتيجية. لكن هذا النجاح يأتي مع تساؤلات عميقة حول تأثيره على الهوية الدينية للمملكة.
تاريخيًا، كانت السعودية تُعرف بمكانتها الدينية المقدسة كمهد للإسلام وموطن للحج والعمرة. ومع ذلك، يبدو أن النظام السعودي يسعى الآن لتحويل البلاد إلى "عاصمة الترفيه العالمي"، وهو ما يثير القلق بشأن تهميش السياحة الدينية. إن هذا التحول قد يكون له تداعيات بعيدة المدى على كيفية رؤية العالم للسعودية.
من الواضح أن ولي العهد محمد بن سلمان هو المحرك الرئيسي وراء هذه التحولات. فكل خطوة يتخذها تركي آل الشيخ تأتي بتوجيهات مباشرة من بن سلمان، مما يعكس رؤية شاملة تهدف إلى تغيير صورة المملكة في أعين المجتمع الدولي. ولكن هل يمكن تحقيق ذلك على حساب القيم الدينية التي تشكل جوهر الهوية السعودية؟
إن تضييق الخناق على رجال الدين والزج بهم في السجون يعكس رغبة النظام في تقليص دورهم وتأثيرهم. فبدلاً من أن يكونوا حماة للقيم الإسلامية، أصبحوا مستهدفين من قبل السلطة التي تسعى لتقديم صورة جديدة للمملكة تتماشى مع رؤيتها الاقتصادية والاجتماعية.
هذا التوجه نحو الترفيه والسياحة قد يؤدي إلى فقدان الثقل الديني الذي تتمتع به البلاد. فالسياحة الدينية ليست مجرد مصدر دخل؛ بل هي جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية والدينية للشعب السعودي. إن إغفال هذا الجانب قد يؤدي إلى انقسام داخلي وفقدان الثقة بين الحكومة والمواطنين.
على الرغم من الفوائد الاقتصادية المحتملة لموسم الرياض والفعاليات الأخرى، يجب أن نتساءل: هل يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية دون المساس بالهوية الثقافية والدينية؟ إن الحفاظ على توازن بين السياحة والترفيه وبين القيم الدينية هو أمر ضروري لضمان استدامة المجتمع السعودي.
إن الصورة التي يسعى بن سلمان لتقديمها للعالم قد تكون جذابة للبعض، لكنها تحمل مخاطر كبيرة على المستوى الداخلي. فهل ستنجح الحكومة في إدارة هذا التحول دون فقدان الدعم الشعبي؟ أم ستؤدي هذه السياسات إلى ردود فعل سلبية تعيد الأمور إلى نصابها؟
في الختام، يجب على صناع القرار في المملكة التفكير مليًا في العواقب المحتملة لسياساتهم الحالية. إن الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للمملكة هو أمر لا يمكن تجاهله إذا أرادوا تحقيق تنمية مستدامة وشاملة تعود بالنفع على جميع المواطنين وتضمن استقرار البلاد في المستقبل.
أضيف بتاريخ :2024/12/09