علي الزنادي

تعيش منطقة الشرق الأوسط تحولات جيوسياسية معقدة، خاصة بعد سنوات من الصراع في سوريا. ومع عودة الرئيس بشار الأسد إلى المشهد العربي، تبرز السعودية والإمارات كقوتين رئيسيتين تتعاملان بحذر مع القادة الجدد في دمشق. بينما يبدو أن قطر تستفيد من هذه الديناميكيات المتغيرة، مما يفتح أمامها آفاقًا جديدة.

لقد لعبت الإمارات والسعودية دورًا محوريًا في إعادة الأسد إلى الساحة العربية بعد سنوات من العزلة. هذا التحول يعكس رغبة الدولتين الخليجيتين في استعادة النفوذ الإقليمي وتعزيز استقرار المنطقة. ومع ذلك، فإن التعامل مع قادة سوريا الجدد يتطلب حذرًا شديدًا، حيث لا تزال التحديات السياسية والاقتصادية قائمة.

في ظل هذه الظروف، تبرز الفرص الاقتصادية لإعادة البناء كجزء أساسي من أي تقييم لدول الخليج. فمع تدمير البنية التحتية للبلاد نتيجة الصراع المستمر، يمكن للسعودية والإمارات أن تلعبا دورًا رئيسيًا في جهود إعادة الإعمار. ولكن هذه الفرص تأتي مشروطة بتطورات سياسية معينة ومدى استقرار النظام الجديد.

من جهة أخرى، حافظت قطر على اتصالاتها مع هيئة تحرير الشام خلال الحرب الأهلية السورية. هذا الأمر يعكس استراتيجية قطرية تهدف إلى الحفاظ على نفوذها في المنطقة رغم الضغوط التي تعرضت لها من قبل جيرانها الخليجيين. عندما قطعت السعودية والإمارات والبحرين علاقاتها مع قطر عام 2017، كان أحد مطالبهم هو قطع الدعم عن جبهة النصرة، وهو ما يوضح تعقيدات العلاقات بين الدول الخليجية.

بعد الإطاحة المحتملة بالأسد، قد تجد قطر نفسها في موقع متميز للحصول على الأولوية في مشاريع إعادة الإعمار. تصريحات أحمد الشرع تشير إلى أن القطريين قد يكون لهم دور بارز خلال العقد المقبل، مما يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة الدوحة كفاعل رئيسي في المنطقة.

إن التحولات الحالية تشير إلى أن العلاقات بين دول الخليج وسوريا ستظل متوترة ومعقدة. فبينما تسعى السعودية والإمارات لتعزيز نفوذهما الاقتصادي والسياسي، تبقى قطر لاعبًا رئيسيًا يسعى لاستغلال الفرص المتاحة لتعزيز مكانته.

في النهاية، إن مستقبل سوريا يعتمد بشكل كبير على كيفية تعامل الدول الخليجية مع القادة الجدد هناك. فالتوازن بين المصالح الاقتصادية والسياسية سيكون حاسمًا لتحديد مسار إعادة الإعمار واستقرار المنطقة بشكل عام.