التقارير

#تقرير_خاص: أزمة الإيجارات في الرياض: بين الجشع والواقع الاقتصادي

عبدالله القصاب

تشهد العاصمة السعودية الرياض طفرة غير مسبوقة في أسعار تأجير المكاتب والشقق السكنية، حيث تجاوزت الزيادات 150% خلال عام واحد. هذه الزيادة المذهلة تعكس جشع بعض الملاك أكثر من كونها استجابة طبيعية لقوى السوق. فمع تكرار الزيادات على مدار السنوات الماضية، يبدو أن السوق العقاري قد تحول إلى ساحة للربح السريع دون مراعاة لاحتياجات المجتمع.

تؤثر هذه الزيادات بشكل مباشر على أصحاب الأعمال، الذين يجدون أنفسهم مضطرين إما لرفع أسعار خدماتهم ومنتجاتهم أو إغلاق أنشطتهم التجارية. وهذا بدوره ينعكس سلباً على الاقتصاد ككل، حيث تزداد تكلفة المعيشة وتصبح الحياة اليومية أكثر صعوبة للمواطنين. ومع اقتراب فعاليات كبيرة مثل إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، يثير القلق حول مستقبل أسعار الإيجارات تساؤلات مشروعة.

من اللافت أن معظم العقارات التي شهدت ارتفاعات كبيرة في الأسعار هي عقارات قديمة وليست جديدة. هذا يعني أن ملاكها يستفيدون من موجة الأسعار المرتفعة دون أي ارتباط بحسابات التكاليف الحقيقية. وفي ظل اقتصاد حر يعتمد على العرض والطلب، نجد أنفسنا أمام معضلة حقيقية: هل يجب على الدولة التدخل لتحديد نسب الزيادات وآلياتها؟ أم أن ذلك سيؤدي إلى نتائج عكسية ويضر بالاستثمار العقاري على المدى البعيد؟

تجارب دول عربية أخرى تشير إلى فشل الضوابط الحكومية في معالجة ارتفاع أسعار الإيجارات، حيث تمكن الملاك من التحايل على الأنظمة بسهولة. لذا، فإن الحلول الحكومية قد لا تكون فعالة كما نأمل.

في الوقت نفسه، أصبح حلم امتلاك منزل خاص للشباب بعيد المنال، وأصبح استئجار سكن لبدء الحياة الزوجية حلماً يتلاشى مع كل زيادة جديدة في الإيجار. حتى عند تحقيق هذا الحلم، يبقى المستأجر تحت رحمة مالك العقار الذي قد يفاجئه بزيادة سنوية غير متوقعة.

إن نسب ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات المكتبية والسكنية خلال العقدين الماضيين لا يمكن استيعابها بسهولة. ومع تزايد هذه الارتفاعات في السنوات الأخيرة، تصبح الحياة أكثر صعوبة خاصة بالنسبة للشريحة الأوسع من المجتمع التي تعاني من ضعف الأجور.

في النهاية، يتطلب الوضع الراهن تحركاً عاجلاً من جميع الأطراف المعنية: الحكومة والمستثمرين والمجتمع المدني. يجب البحث عن حلول مستدامة تضمن حقوق المستأجرين وتوازن بين مصالح المستثمرين واحتياجات المواطنين. إن لم يتم اتخاذ خطوات جادة الآن، فإن المستقبل القريب قد يحمل المزيد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يصعب تجاوزها.

أضيف بتاريخ :2025/01/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد