عبدالله القصاب

في ظل التحولات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تبرز مسألة التطبيع السعودي الإسرائيلي كأحد الموضوعات الأكثر جدلاً. فقد بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية، مثل صحيفة The Jerusalem Post، في الترويج لمنافع محتملة للتطبيع، مشيرة إلى إمكانية دعم الكيان الإسرائيلي للمملكة في تحقيق رؤية 2030. ولكن هل يمكن اعتبار هذه المنافع حقيقية أم أنها مجرد وعود فارغة؟

تسعى رؤية 2030 السعودية إلى تحقيق تنمية مستدامة وشاملة، مع التركيز على diversifying الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. وفي هذا السياق، يُطرح موضوع تحلية المياه كأحد المجالات التي يمكن أن تستفيد منها المملكة من التكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن الوثوق بإسرائيل كمصدر موثوق للتكنولوجيا والمساعدة؟

التاريخ يعلمنا أن الاحتلال الإسرائيلي لم يسبق له أن وقع اتفاق تطبيع مع دولة عربية إلا وكان هو المستفيد الأول. فالتجارب السابقة تشير إلى أن إسرائيل غالبًا ما تستغل هذه الاتفاقيات لتعزيز ميزانها التجاري على حساب مصالح الدول الأخرى. لذا، فإن أي حديث عن فوائد اقتصادية يجب أن يُنظر إليه بحذر.

علاوة على ذلك، فإن الانفتاح على إسرائيل قد يفتح الباب أمام استثمارات في مجالات مثل التكنولوجيا والأمن السيبراني والطاقة المتجددة. ولكن يجب أن نتساءل: هل هذه الاستثمارات ستعود بالنفع الحقيقي على الاقتصاد السعودي أم ستخدم مصالح الكيان الإسرائيلي بشكل أكبر؟

من المهم أيضًا النظر إلى الضمانات الأمنية والحوافز الأميركية التي قد تُقدم للسعودية في إطار هذا التطبيع. فهل ستكون هذه الضمانات كافية لحماية المصالح الوطنية السعودية؟ أم أنها ستؤدي إلى تبعية أكبر للولايات المتحدة وإسرائيل؟

الأمر الأكثر أهمية هو أن السعودية تمثل نقطة جذب استراتيجية للاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى دائمًا لتوسيع نفوذه في المنطقة. لذا، فإن أي خطوة نحو التطبيع يجب أن تُدرس بعناية فائقة لتفادي الوقوع في فخ المصالح الإسرائيلية.

في الختام، إن مسألة التطبيع السعودي الإسرائيلي ليست مجرد قضية اقتصادية أو سياسية بل هي قضية تتعلق بالسيادة الوطنية والمصالح الاستراتيجية للمملكة. لذا ينبغي على صناع القرار السعوديين التفكير مليًا قبل اتخاذ أي خطوات قد تؤثر على مستقبل البلاد وأمنها القومي.