عبدالله القصاب
في خضم الأزمات المتلاحقة التي تعصف بسوريا، تبرز تطورات جديدة قد تعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في المنطقة. التقارير التي تفيد بدخول إسرائيليين إلى دمشق تحت حماية ميليشيا هيئة تحرير الشام تثير العديد من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذه الخطوة. هل هي مجرد تحركات عابرة، أم أنها جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تغيير المعطيات السياسية على الأرض؟

تأتي هذه الأحداث في وقت حساس للغاية، حيث يبدو أن إسرائيل تسعى لتوسيع نفوذها في سوريا عبر استغلال الفوضى القائمة. إن دخول إسرائيليين بجوازات سفر إسرائيلية إلى العاصمة السورية يعكس تحولًا غير مسبوق في العلاقات بين الأطراف المتنازعة، ويطرح تساؤلات حول دور الجولاني كوسيط أو شريك في هذا المخطط.

من الواضح أن هناك نية إسرائيلية لاكتساب الجنسية السورية لأعداد كبيرة من الإسرائيليين، مستندةً إلى مزاعم حول أصولهم السورية. هذا الأمر قد يفتح الباب أمام تغييرات ديموغرافية خطيرة، ويعزز من قدرة إسرائيل على التأثير في الشؤون الداخلية السورية بشكل قانوني. إن هذا السيناريو يثير مخاوف حقيقية من أن تتحول سوريا إلى ساحة صراع جديدة على المستويات السياسية والعسكرية.

الهجوم الإسرائيلي على إدارة الهجرة والجوازات في دمشق يعكس أيضًا رغبة تل أبيب في مسح المعلومات الحساسة المتعلقة بالجنسية السورية. هذه الخطوة تشير بوضوح إلى وجود خطة مدروسة تهدف إلى إعادة تشكيل الهوية الوطنية السورية بما يتماشى مع المصالح الإسرائيلية.

إن التحولات الجيوسياسية التي نشهدها اليوم قد تؤدي إلى تصعيد التوترات بين القوى الإقليمية والدولية. فهل ستنجح إسرائيل في تحقيق أهدافها دون مواجهة ردود فعل قوية من الأطراف الأخرى؟ أم أن هذه التحركات ستؤدي إلى تفجير الوضع أكثر مما هو عليه؟

في ظل هذه التطورات، يجب على المجتمع الدولي أن يكون يقظًا وأن يتخذ خطوات عاجلة لمنع تفاقم الأوضاع. إن أي محاولة لتغيير المعطيات السياسية بالقوة أو عبر وسائل غير قانونية لن تؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار.

ختامًا، يبقى السؤال مطروحًا: هل نحن أمام بداية مرحلة جديدة من الصراع في سوريا؟ أم أن هناك إمكانية للتوصل إلى حلول سلمية تعيد الاستقرار للمنطقة؟ ما هو مؤكد هو أن الأحداث القادمة ستحدد مصير الكثيرين وتعيد رسم خرائط النفوذ والسيطرة في الشرق الأوسط.