#تقرير_خاص : الأذان النجدي: بين الهوية الثقافية والسيطرة السياسية

علي الزنادي
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، فرضت السلطات السعودية الأذان النجدي في مسجد جواثا التاريخي بالأحساء، وهو ما يُعتبر جزءًا من سياسة سعودة كل شيء في البلاد. يُعد مسجد جواثا من المعالم الإسلامية البارزة، حيث بُني في السابعة للهجرة وكان ثاني مسجد يُقام فيه صلاة الجمعة بعد المسجد النبوي. هذه الخطوة ليست مجرد تغيير صوتي، بل تعكس توجهًا أعمق نحو توحيد الهوية الإسلامية وفق رؤية معينة.
تاريخيًا، كان مسجد جواثا مركزًا للعبادة والتواصل الاجتماعي بين القبائل المختلفة. ومع ذلك، فإن فرض الأذان النجدي يثير تساؤلات حول مدى احترام التنوع الثقافي والديني الذي كان موجودًا في المنطقة. فالأذان ليس مجرد دعوة للصلاة؛ إنه تعبير عن الهوية والانتماء.
لقد سبق أن تم فرض تلاوة القرآن الكريم باللهجة النجدية في جميع المساجد السعودية، مما يعكس توجهًا متزايدًا نحو توحيد الممارسات الدينية. لكن هذا التوجه يتجاهل التنوع الغني الذي يميز القراءات القرآنية عبر العصور والأماكن. إن محاولة فرض طريقة واحدة للتلاوة أو الأذان قد تؤدي إلى إقصاء أصوات وثقافات أخرى كانت جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الإسلام.
الانتقادات التي وُجهت لقرار فرض الأذان النجدي تشير إلى مخاوف من هيمنة آل سعود على الهوية الروحية للإسلام. فالكثيرون يرون أن هذا القرار يمثل محاولة لتوحيد الدين تحت مظلة سياسية معينة، مما قد يؤدي إلى فقدان الأصالة والعمق الروحي الذي يتمتع به الإسلام.
إن الحفاظ على التنوع الثقافي والديني هو أمر بالغ الأهمية في أي مجتمع. فالإسلام بحد ذاته جاء ليجمع بين مختلف الثقافات والأعراق، ويعزز قيم التسامح والتفاهم. لذا فإن أي محاولة لتوحيد الممارسات الدينية يجب أن تُنظر إليها بحذر شديد.
من المهم أن نتذكر أن الدين ليس ملكًا لأحد، بل هو رسالة عالمية تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية. لذا يجب على السلطات السعودية إعادة النظر في سياساتها المتعلقة بالهوية الدينية والثقافية، والعمل على تعزيز التعددية بدلاً من إقصاءها.
في الختام، إن فرض الأذان النجدي في مسجد جواثا يمثل تحديًا للهوية الثقافية والدينية المتنوعة التي يتمتع بها المجتمع السعودي والإسلامي بشكل عام. يجب أن تكون هناك مساحة للجميع للتعبير عن إيمانهم وممارستهم للدين بطريقة تعكس تنوعهم وتاريخهم الغني.
أضيف بتاريخ :2025/03/16