التقارير

#تقرير_خاص: نيوم: بين الطموحات الضخمة والواقع المرير

عبدالله القصاب

تعتبر مشاريع التنمية الكبرى، مثل مشروع نيوم في تبوك، تجسيدًا لرؤية مستقبلية تهدف إلى تحويل المنطقة إلى مركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا. ومع ذلك، فإن الأرقام المتضخمة والتكاليف الباهظة التي تم الإعلان عنها مؤخرًا تثير تساؤلات جدية حول جدوى هذا المشروع وطريقة إدارته.

تشير التقارير الأخيرة إلى أن التكاليف التقديرية لمشروع نيوم قد ارتفعت بشكل غير مسبوق لتصل إلى 8.8 تريليون دولار، وهو مبلغ يفوق ميزانية المملكة العربية السعودية السنوية بأكثر من 25 مرة. هذا التضخم الهائل في التكاليف يطرح تساؤلات حول كيفية إدارة الموارد المالية في مشروع بهذا الحجم.

الأكثر إثارة للقلق هو ما تم الكشف عنه من أدلة على التلاعب المتعمد في الأرقام المالية من قبل الإدارة العليا. فزيادة أسعار الفنادق بشكل مبالغ فيه، حيث قفز سعر الغرفة من 489 دولارًا إلى 1866 دولارًا، تعكس عدم الشفافية وتثير الشكوك حول نوايا القائمين على المشروع. كما أن ارتفاع أسعار مواقع التخييم الفاخرة يعكس نفس الاتجاه المقلق.

من جهة أخرى، كان من المقرر أن يمتد مشروع "ذا لاين" بطول 106 أميال ويحتوي على ناطحات سحاب بارتفاع 1600 قدم، لكن تم تقليصه بشكل كبير إلى 1.5 ميل فقط. هذا التقليص يعكس عدم القدرة على تحقيق الأهداف الطموحة التي تم الإعلان عنها سابقًا ويشير إلى وجود مشاكل حقيقية في التخطيط والتنفيذ.

إن الجمع بين هدر المال والفساد والسرقات في مشروع بهذا الحجم يؤدي حتمًا إلى تكاليف خيالية وتعثرات متكررة في التنفيذ. وهذا يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة السعودية على إدارة مثل هذه المشاريع الضخمة بكفاءة وشفافية.

يجب أن تكون هناك آليات رقابية صارمة لضمان عدم تكرار هذه التجاوزات المالية والإدارية. فالمشاريع الكبرى تحتاج إلى إدارة حكيمة ورؤية واضحة لتحقيق الأهداف المرجوة دون الوقوع في فخ الفساد والهدر.

في النهاية، يبقى السؤال: هل ستتمكن المملكة العربية السعودية من إعادة توجيه دفة مشروع نيوم نحو النجاح وتحقيق الرؤية المنشودة؟ أم ستظل هذه الطموحات مجرد أحلام بعيدة المنال وسط واقع مرير من الفساد وسوء الإدارة؟ إن الإجابة عن هذا السؤال تتطلب إرادة سياسية قوية وإجراءات فعالة لضمان الشفافية والمساءلة.

أضيف بتاريخ :2025/03/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد