التقارير

#تقرير_خاص: السعودية وحقوق المرأة: تناقضات انتخابية تثير القلق

علي الزنادي

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، تم انتخاب المملكة العربية السعودية لرئاسة الهيئة العالمية المعنية بحماية حقوق المرأة، وترؤسها أعمال الدورة الـ69 للجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة. هذا القرار يأتي في وقت تعاني فيه النساء في السعودية من انتهاكات صارخة لحقوقهن، مما يطرح تساؤلات حول مصداقية المؤسسات الدولية في الدفاع عن حقوق الإنسان.

هيلل نيور، المدير التنفيذي لمراقبة الأمم المتحدة، وصف هذا الانتخاب بأنه "يوم أسود لحقوق المرأة"، مشبهاً إياه بتعيين "دراكولا رئيساً لبنك الدم". هذه العبارة تعكس عمق الفجوة بين الخطاب الرسمي حول حقوق المرأة والواقع المرير الذي تعيشه النساء في السعودية. كيف يمكن لدولة تُعرف بسجلها السيء في مجال حقوق الإنسان أن تتولى زمام الأمور في هيئة تهدف إلى حماية حقوق النساء؟

تُظهر التقارير أن الناشطات السعوديات يتعرضن للاحتجاز التعسفي بسبب مطالبتهن بحقوقهن الأساسية. فالأكاديمية سلمى الشهاب حُكم عليها بالسجن لمدة 27 عاماً لمجرد نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما نالت نورة القحطاني حكماً بالسجن لمدة 45 عاماً. هذه الأحكام القاسية تعكس نظاماً قمعياً يسعى إلى إسكات الأصوات المطالبة بالحرية والمساواة.

علاوة على ذلك، قضية المدربة الرياضية مناهل العتيبي التي احتُجزت لمدة خمسة أشهر تحت ظروف قاسية وحُكم عليها بالسجن 11 عاماً بتهم الإرهاب، تبرز مدى خطورة الوضع. إن استخدام تهم الإرهاب كوسيلة لقمع الناشطات هو أمر مقلق ويعكس عدم التسامح مع أي شكل من أشكال المعارضة.

إن اختيار السعودية لتكون عضواً في الهيئة العليا المعنية بحقوق المرأة يُعتبر إهانة للنساء المضطهدات داخل البلاد. كيف يمكن للعالم أن يثق بقدرة هذه الهيئة على تحقيق العدالة للنساء إذا كانت رئاستها تتولاها دولة تُمارس القمع ضدهن؟

من المهم أن تتخذ الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وجميع الديمقراطيات الأخرى موقفاً واضحاً ضد هذا التعيين. يجب أن يكون هناك صوت موحد يدعو إلى إنهاء الصمت ويعبر عن استنكار هذا الأمر غير الأخلاقي. إن السكوت عن هذه الانتهاكات يعني قبول الوضع الراهن وتجاهل معاناة النساء.

إن المجتمع الدولي بحاجة إلى إعادة تقييم علاقاته مع الدول التي لا تحترم حقوق الإنسان. يجب أن تكون هناك معايير واضحة لاختيار الدول التي تتولى المناصب القيادية في الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

في النهاية، إن انتخاب السعودية لرئاسة الهيئة العالمية لحماية حقوق المرأة ليس مجرد قرار إداري؛ بل هو رسالة للعالم بأن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في كيفية التعامل مع قضايا حقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص. يجب أن تكون الأولوية دائماً للعدالة والمساواة، وليس للمصالح السياسية أو الاقتصادية الضيقة.

إذا كان الهدف هو تعزيز حقوق المرأة وحمايتها، فإن الطريق الصحيح يتطلب شجاعة ووضوحاً من جميع الأطراف المعنية. فهل ستستجيب الدول لهذا النداء؟

أضيف بتاريخ :2025/03/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد