التقارير

#تقرير_خاص: تحالف أوبك+ على مفترق طرق: هل يهدد التوتر استقرار سوق النفط العالمي؟

عبدالله القصاب

يواجه تحالف أوبك+ أزمة غير مسبوقة تتعلق بانقسامات داخلية تهدد وحدة الصف، وتثير تساؤلات حول مستقبل سوق النفط العالمي. فبينما كانت المنظمة على مدى سنوات رمزًا للتنسيق والسيطرة على أسعار النفط، تظهر الآن علامات تفتت قد تؤدي إلى اضطرابات كبيرة في السوق العالمية.

تتصاعد التحديات مع رفض بعض الدول الأعضاء الالتزام بحصص الإنتاج المحددة، خاصة العراق، الإمارات، وكازاخستان، إلى جانب روسيا. هذه الدول تجاوزت بشكل مستمر حصصها الإنتاجية، مما يهدد توازن السوق ويضعف قدرة التحالف على إدارة الأسعار بشكل فعال. ويبدو أن هناك خلافات عميقة حول كيفية توزيع الأعباء وتحقيق مصالح كل طرف.

السعودية، التي لطالما كانت القوة الدافعة وراء استقرار السوق من خلال ضبط إنتاجها، تجد نفسها الآن في موقف حساس. فهي تخشى من انخفاض الأسعار الذي قد يؤثر سلبًا على مشاريع "رؤية 2030" الطموحة لتنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على النفط. لذلك، بدأت تلوح بخطة بديلة لزيادة الإنتاج بهدف إقصاء المنتجين ذوي الكفاءة العالية الذين يرفضون الالتزام بالحصص.

هذه الخطوة قد تعيد رسم خريطة النفوذ داخل سوق النفط العالمي، حيث ستصبح السعودية أكثر مرونة في تحديد كميات الإنتاج وفقًا لمصالحها الخاصة. لكن ذلك قد يؤدي أيضًا إلى تصعيد النزاعات مع باقي الأعضاء ويزيد من احتمالات انهيار التحالف ككل.

وفي ظل انهيار أسعار الخام إلى أدنى مستوى منذ جائحة 2021، وتراجعها إلى أقل من 65 دولارًا للبرميل مطلع أبريل، تتزايد الضغوط على السعودية لتحقيق سعر توازني يقارب 95 دولارًا للبرميل لضمان التوازن المالي والاقتصادي. هذا الفارق الكبير يعكس مدى التحدي الذي تواجهه الرياض في إدارة السوق وسط هذه الانقسامات.

أما الدول التي تتجاوز حصصها فهي ترى أن مصالحها الوطنية تتطلب مرونة أكبر في إدارة إنتاجها وأسعارها، وهو ما يتعارض مع رغبة السعودية في فرض قيود صارمة للحفاظ على استقرار السوق وأسعاره. هذا الاختلاف في الرؤى يعمق الهوة بين أعضاء التحالف ويهدد وحدته.

وفي ظل استمرار الرفض الجماعي للالتزام الكامل من قبل بعض الأعضاء، فإن احتمالات التصعيد تزيد يوماً بعد يوم. فكل طرف يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة دون اعتبار للمصلحة الجماعية للتحالف أو للسوق العالمية بشكل عام.

من ناحية أخرى، فإن تفكك أوبك+ قد يؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار النفط تؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي وتزيد من عدم اليقين السياسي والاقتصادي في العديد من الدول المستهلكة والمصدرة للنفط على حد سواء.

وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن دول التحالف من تجاوز خلافاتها وإعادة توحيد صفوفها للحفاظ على استقرار السوق أم أن الانقسامات ستؤدي إلى فوضى نفطية طويلة الأمد؟ الإجابة تعتمد بشكل كبير على قدرة القيادات المعنية على التفاهم والتوصل إلى حلول وسط تلبي مصالح الجميع دون الإضرار بالسوق العالمية.

إن مستقبل سوق النفط يتوقف اليوم أكثر من أي وقت مضى على قدرة أوبك+ على تجاوز خلافاتها وإعادة بناء الثقة بين أعضائها. فالسوق لا يتحمل المزيد من الانقسامات والتوترات التي قد تؤدي إلى اضطرابات اقتصادية وسياسية واسعة النطاق. لذا فإن الحكمة والتعاون هما المفتاح لضمان استقرار طويل الأمد لهذا القطاع الحيوي الذي يشكل عصب الاقتصاد العالمي.

أضيف بتاريخ :2025/04/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد