#تقرير_خاص: زيارة مودي إلى السعودية: خطوة استراتيجية أم محاولة لتسريع مشروع الممر الاقتصادي؟

علي الزنادي
تُعد زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى السعودية، التي تأتي بعد غياب دام ست سنوات، حدثًا مهمًا على الساحة الإقليمية والدولية. فهي ليست مجرد زيارة رسمية عادية، بل تحمل في طياتها رسائل متعددة وتوجهات استراتيجية تتعلق بمستقبل العلاقات بين الهند والخليج، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.
من الواضح أن المحادثات المرتقبة ستتركز على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمارات والدفاع، وهي قطاعات حيوية تهم كلا الطرفين. لكن الأهم من ذلك هو سياق الحديث عن مشروع الممر الاقتصادي الذي أُعلن عنه خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، والذي يهدف إلى ربط الهند بالشرق الأوسط عبر شبكة من السكك الحديدية والموانئ البحرية.
اللافت أن المشروع يتضمن مسارًا يربط الإمارات بالكيان الإسرائيلي المحتل للأراضي الفلسطينية عبر السعودية والأردن، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى ارتباط الزيارة بتسريع تدشين هذا الممر. فالسعودية، التي تتجه نحو تعزيز علاقاتها مع إسرائيل بشكل غير معلن، قد ترى في هذا المشروع فرصة لتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للتجارة والنقل.
وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى أهمية المشروع اقتصاديًا واستراتيجيًا، لا يمكن تجاهل الأجواء الداخلية المشحونة في الهند بسبب الاحتجاجات ضد التعديلات المقترحة على قانون إدارة الممتلكات الوقفية الإسلامية. هذه الاحتجاجات تعكس تحديات داخلية قد تؤثر على صورة الحكومة وتوجهاتها الخارجية.
من ناحية أخرى، فإن زيارة مودي للسعودية تأتي في وقت حساس إقليميًا ودوليًا، حيث تتصاعد التوترات في منطقة غرب آسيا والحرب الروسية-الأوكرانية تفرض تغييرات جيوسياسية عميقة. لذلك، فإن تعزيز العلاقات مع السعودية يمكن أن يكون جزءًا من استراتيجية هندية أوسع لضمان مصالحها الاقتصادية والأمنية.
لكن هل يمكن اعتبار هذه الزيارة مجرد خطوة تكتيكية لتمهيد الطريق للمشروع الاقتصادي؟ أم أنها تعكس رغبة سعودية وإسرائيلية مشتركة في استغلال الفرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي؟ الإجابة ربما تكون مركبة وتتداخل فيها المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه المبادرات في تحقيق أهدافها على أرض الواقع أم ستواجه عقبات سياسية وداخلية؟ فالممر الاقتصادي يحمل إمكانيات هائلة لكنه أيضًا محفوف بالمخاطر والتحديات التي تتطلب توافقًا سياسيًا واستقرارًا داخليًا لضمان نجاحه.
ختامًا، فإن زيارة مودي للسعودية ليست مجرد حدث دبلوماسي عابر؛ بل هي مؤشر على تحولات استراتيجية قد تغير موازين القوى والنفوذ في المنطقة. وعلى المجتمع الدولي مراقبة تطورات هذا الملف عن كثب لمعرفة مدى تأثيره على الاستقرار الإقليمي والعالمي.
أضيف بتاريخ :2025/04/22