#تقرير_خاص: السعودية وتراجعها عن دعم سعد الحريري: نهاية حقبة ومرحلة جديدة في لبنان

عبدالله القصاب
في ظل التطورات السياسية الأخيرة، يبرز سؤال مهم حول موقف السعودية من الزعيم اللبناني سعد الحريري، وما إذا كانت المملكة قد قررت فعلاً التخلي عن دعمه بشكل نهائي. فبعد سنوات من الدعم المالي والسياسي، يبدو أن هناك مؤشرات واضحة على تراجع الرياض عن استمرارية هذا الدعم، وهو ما يثير تساؤلات حول مستقبل الحريري وتأثير ذلك على المشهد اللبناني.
لقد كان سعد الحريري لعقود رمزاً للنفوذ السعودي في لبنان، حيث اعتمدت الرياض عليه كواجهة سياسية تضمن مصالحها في المنطقة. لكن مع تغيّر المعطيات الإقليمية والدولية، وتبدل مواقف بعض الدول الكبرى تجاه لبنان، بدأت السعودية تتخذ مواقف أكثر حذرًا وربما أكثر براغماتية.
إعلان الحريري عزوف تيار المستقبل عن المشاركة في الانتخابات البلدية يحمل دلالات عميقة. فهو لا يعكس فقط موقفًا داخليًا محدودًا، بل هو رسالة واضحة من الرياض بأن النفوذ التقليدي للحريري لم يعد مضمونًا كما كان سابقًا. فالسعودية ربما ترى أن استمرار دعم الحريري قد لا يخدم مصالحها في ظل التحديات الحالية التي تواجه المنطقة.
من جهة أخرى، فإن تخلّي السعودية عن دعم الحريري يعكس أيضاً تغيراً في استراتيجيتها السياسية تجاه لبنان. فهي ربما تتجه نحو تقليل التدخل المباشر والتركيز على أدوات أخرى أكثر مرونة وواقعية، خاصة مع تصاعد نفوذ قوى لبنانية أخرى مثل حزب الله والتيار الوطني الحر.
هذا التغير قد يكون بمثابة إشارة إلى أن الرياض لم تعد ترى في سعد الحريري الخيار الأمثل لتحقيق مصالحها أو الحفاظ على نفوذها التقليدي في لبنان. وهو ما يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة تتعلق بمستقبل السياسة اللبنانية وتحالفاتها الداخلية والخارجية.
بالنسبة للحريري نفسه، فإن تراجع الدعم السعودي قد يضعه أمام تحديات كبيرة لإعادة ترتيب أوراقه السياسية والشعبية. فغياب الدعم الخارجي قد يقلل من قدرته على فرض شروطه أو التأثير بشكل كبير على مجريات الأمور داخل لبنان.
وفي الوقت ذاته، فإن هذا التغير يمكن أن يُفسر كفرصة لتيارات لبنانية أخرى لتعزيز حضورها ومبادرتها بالمبادرات السياسية التي كانت تُعطى سابقاً للحريري وحلفائه. إذ إن الفراغ الذي قد ينجم عن تراجع النفوذ السعودي يمكن أن يُملأ بجهود محلية أو إقليمية أخرى.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن القوى اللبنانية من استثمار هذا التحول لصالحها أم أنه سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والتشظي السياسي؟ فالمشهد اللبناني يتسم دائماً بالتعقيد والتداخل بين المحلي والإقليمي والدولي.
ختاماً، يمكن القول إن تخلّي السعودية عن دعم سعد الحريري يمثل بداية مرحلة جديدة تماماً في لبنان والمنطقة. مرحلة تتطلب من جميع الأطراف إعادة تقييم مواقفها واستراتيجياتها بشكل جدي لضمان استقرار البلاد واستعادة الثقة بين مختلف المكونات السياسية والشعبية.
أضيف بتاريخ :2025/04/22