#تقرير_خاص: السعودية وأميركا: استثمار استراتيجي أم استغلال اقتصادي؟

علي الزنادي
في ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها العلاقات السعودية الأميركية، يبرز سؤال جوهري حول طبيعة هذه الشراكة وما إذا كانت تتجاوز حدود التعاون الاقتصادي إلى مصالح استراتيجية أعمق. فزيارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى الرياض، والتي ترافقت مع توقيع اتفاقات ضخمة، تثير تساؤلات عن مدى جدية هذه الاستثمارات وأهدافها الحقيقية.
من الواضح أن الإعلان عن استثمار السعودية لمبلغ يصل إلى 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى اتفاقيات دفاعية بقيمة 142 مليار دولار، يعكس رغبة الطرفين في تعزيز علاقاتهما على حساب مصالح أخرى. فهذه الأرقام الضخمة لا تقتصر على دعم الاقتصاد الأميركي فحسب، بل تحمل في طياتها رسائل سياسية واستراتيجية واضحة.
الجانب السعودي يسعى من خلال هذه الاتفاقات إلى تنويع مصادر دخله وتنمية قدراته الاقتصادية بعيدًا عن الاعتماد المفرط على النفط. لكن في المقابل، فإن جزءًا كبيرًا من تلك الاستثمارات يُنظر إليه كوسيلة لضمان حماية النظام السعودي من خلال تعزيز علاقاته مع القوة العظمى، خاصة عبر صفقات السلاح والتدريب العسكري.
أما من ناحية الولايات المتحدة، فهي تستغل هذه الاتفاقات لتعزيز حضورها العسكري والسياسي في المنطقة، عبر السيطرة على سوق السلاح وتدريب القوات السعودية. هذا الأمر يضمن بقاء النفوذ الأميركي قويًا في منطقة تعتبر ذات أهمية استراتيجية كبرى بالنسبة للعالم بأسره.
وفي سياق آخر، فإن الحديث عن خلق وظائف داخل الولايات المتحدة نتيجة لهذه الاستثمارات يظل محدودًا بالمقارنة مع الأهداف السياسية والأمنية التي تتداخل فيها المصالح الاقتصادية. إذ أن الهدف الحقيقي هو الحفاظ على الهيمنة الأميركية وتعزيز نفوذها الإقليمي بشكل غير مباشر.
كما أن التكرار المستمر لرقم التريليون دولار كمستهدف للاستثمار السعودي يعكس رغبة الرياض في إظهار قوة اقتصادها وقدرتها على التأثير عالميًا. إلا أن الواقع قد يكون مختلفًا قليلًا، حيث إن الكثير من تلك الأموال قد تُستخدم لأغراض سياسية أو لتعزيز مكانة ولي العهد محمد بن سلمان داخليًا وخارجيًا.
وفي النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى نجاعة هذه الشراكات في تحقيق مصالح الطرفين بشكل عادل ومتوازن. فبينما تبدو الصورة وكأنها تعاون اقتصادي واستراتيجي متبادل المنفعة، فإن الحقيقة قد تكون أكثر تعقيدًا وتتعلق بموازين القوى والنفوذ الذي يسعى كل طرف للحفاظ عليه.
ختاماً، يمكن القول إن العلاقات السعودية الأميركية تمر الآن بمرحلة جديدة تتسم بالتحالفات الاقتصادية والعسكرية القوية. لكن الأهم هو أن يكون هذا التحالف مبنيًا على مصلحة مشتركة حقيقية وليس مجرد أدوات لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية ضيقة قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة على المدى الطويل.
أضيف بتاريخ :2025/05/14