#تقرير_خاص: هل شراء السعودية لطائرة F-35 يفتح أبواب التطبيع مع إسرائيل؟

عبدالله القصاب
تُعد صفقة الأسلحة الأخيرة التي أبرمتها إدارة ترامب مع السعودية، والتي بلغت قيمتها حوالي 142 مليار دولار، من أكبر الصفقات الدفاعية في التاريخ، وتؤشر على تحولات استراتيجية مهمة في المنطقة. فبينما تركزت الأنظار على تعزيز القدرات العسكرية للمملكة، يبرز سؤال جوهري حول مدى ارتباط هذه الصفقة بمحاولة دفع السعودية نحو تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
السعودية، التي تسعى لتعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة التحديات الإقليمية، خاصة التهديد الإيراني، تعتبر طائرة F-35 من الجيل الخامس رمزاً للتفوق التكنولوجي والعسكري. فهي تمنح حامليها ميزة نوعية على خصومهم، وتُعدّ سلاحاً استراتيجياً يعزز من مكانة الدولة في المنطقة. لكن رغبة السعودية في اقتنائها تثير جدلاً واسعاً حول الأهداف السياسية وراء هذا الطلب.
إسرائيل، التي تعتبر التفوق العسكري النوعي أحد ركائز أمنها القومي، كانت دائماً حذرة من انتشار الطائرات الشبحية المتطورة بين جيرانها العرب. فامتلاك السعودية لطائرة F-35 قد يُهدد ميزان القوى الإقليمي ويقلل من تفوقها النوعي الذي حافظت عليه لعقود. لذلك، لم تكن إسرائيل راضية تماماً عن فكرة بيع هذه الطائرة للسعودية، وعبّرت عن مخاوفها من أن يؤدي ذلك إلى تقويض أمنها القومي.
وفي سياق ذلك، فإن الولايات المتحدة تلعب دور الوسيط بين الطرفين، حيث تسعى إلى تحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة عبر تعزيز التحالفات وتقوية الحلفاء العرب ضد إيران وتهديداتها المحتملة. لكن استخدام صفقة الأسلحة كوسيلة لضمان تطبيع العلاقات مع إسرائيل يثير تساؤلات أخلاقية وسياسية عميقة حول مدى تأثير المصالح الأمريكية على قرارات الدول العربية والإسرائيلية.
من جهة أخرى، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أعلن مراراً أن أي خطوة نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل لن تتم قبل تسوية القضية الفلسطينية بشكل عادل وشامل. هذا الموقف يعكس إدراك القيادة السعودية لأهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية بشكل عام، ويضع حدوداً واضحة أمام أي تفاوض قد يُنظر إليه على أنه تنازل عن الحقوق الفلسطينية مقابل مكاسب عسكرية أو سياسية.
لكن الواقع السياسي يشير إلى أن هناك ضغوطاً متزايدة على المملكة لاتخاذ مواقف أكثر مرونة تجاه إسرائيل، خاصة مع تزايد التقارب الأمريكي الإسرائيلي وتنامي النفوذ الإسرائيلي في المنطقة عبر اتفاقات التطبيع والتعاون الأمني والاستخباراتي. فهل يمكن أن تكون صفقة F-35 بداية لمرحلة جديدة من التطبيع غير المعلن؟ أم أنها مجرد ورقة تفاوض تُستخدم لتحقيق أهداف أخرى؟
الجانب الآخر الذي لا يمكن إغفاله هو موقف إيران التي تسعى لتطوير قدراتها العسكرية أيضاً عبر الحصول على طائرات سوخوي Su-57 الروسية الصنع أو غيرها من الأسلحة المتقدمة. فالساحة الإقليمية تتجه نحو سباق تسلح جديد يهدد استقرار المنطقة ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني فيها.
وفي ظل هذا السياق المعقد والمتشابك، يبقى السؤال الأهم: هل ستختار السعودية أن تتنازل عن مطالباتها بالقضية الفلسطينية مقابل الحصول على الطائرة المتطورة؟ أم أنها ستتمسك بموقفها الداعم للقضية وتُفضّل الحفاظ على موقف مستقل بعيد عن الضغوط الخارجية؟
الواقع يشير إلى أن الخيار الأول قد يكون مغريًا من ناحية أمنية وعسكرية قصيرة المدى؛ لكنه قد يُعرض المملكة لانتقادات داخلية وخارجية واسعة ويضر بمصداق
أضيف بتاريخ :2025/05/19