#تقرير_خاص: السعودية والحج: بين الشعائر السياسية والانتهاكات الحقوقية

علي الزنادي
تُعدّ مناسك الحج من أعظم الشعائر الدينية التي تجمع المسلمين من مختلف أنحاء العالم، وتُعبر عن وحدة الأمة الإسلامية وتلاحمها. إلا أن النظام السعودي، الذي يتولى تنظيم هذه الفريضة المقدسة، يُظهر في السنوات الأخيرة مواقف تتناقض مع روح الدين والعدالة، حيث يستخدم موسم الحج كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية وانتهاكات حقوقية واضحة.
في الآونة الأخيرة، أعلنت المملكة عن وقف إصدار التأشيرات للحجاج الإيرانيين، وهو قرار يحمل أبعادًا سياسية واضحة، خاصة في ظل التوترات المستمرة بين البلدين. هذا الإجراء يعكس استغلال النظام للحج كأداة للضغط السياسي، بدلاً من أن يكون مناسبة روحية تجمع المسلمين على المحبة والتسامح. ويأتي ذلك بعد اعتقال رجل الدين الإيراني غلام قاسميان على خلفية نشره مقطعًا مصورًا ينتقد حال السعودية، مما يبرز مدى التضييق على الأصوات المعارضة داخل الأراضي السعودية.
وليس هذا التصعيد الأول من نوعه؛ ففي موسم الحج الماضي، قامت السلطات السعودية باعتقال أعضاء من المجموعة الإعلامية للبعثة الإيرانية أثناء تسجيلهم تلاوة القرآن الكريم في المسجد النبوي. هذه الإجراءات القمعية تعكس نوايا غير معلنة لفرض السيطرة على الحجاج والنشطاء الذين يعبرون عن آرائهم بحرية. كما أن احتجازهم دون توجيه تهم واضحة أو إبلاغ رسمي يثير تساؤلات حول مدى احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير.
وفي الوقت الذي تتشدق فيه السلطات السعودية بمحاربة التسييس وادعائها أن مناسك الحج يجب أن تكون خالية من أي شعارات سياسية أو فكرية، فإنها في المقابل تمارس ازدواجية صارخة في التعامل مع الحجاج والنشطاء. إذ تسمح بتجاوزات داخل الحرم المكي والمناطق المقدسة دون رادع، وتغض الطرف عن التصرفات الخارجة عن الأخلاق والدين التي تحدث أمام أعين الجميع.
أما الأكثر إثارة للدهشة فهو استمرار منع إصدار تأشيرات الحج والعمرة لعدد كبير من النشطاء والعلماء والمفكرين الذين يختلفون مع السياسات الرسمية. هذا التضييق يعكس رغبة النظام في فرض رؤيته الأحادية على أداء الشعائر الدينية، ويُظهر كيف يُستخدم موسم الحج كوسيلة لقمع المعارضين وإسكات الأصوات الحرة التي تنتقد السياسات الداخلية والخارجية للمملكة.
وفي ظل هذه الانتهاكات والتصرفات غير المسؤولة، يتضح جليًا أن النظام السعودي لا يراعي قدسية الشعائر الدينية بقدر ما يستغلها لأغراض سياسية وأمنية ضيقة. فالحج يجب أن يكون مناسبة للتقوى والتواصل بين المسلمين وليس ساحة لصراعات السلطة أو انتهاكات حقوق الإنسان.
ختامًا، ينبغي على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية أن تتخذ موقفًا حازمًا تجاه هذه الانتهاكات المستمرة بحق الحجاج والنشطاء. فاحترام حرمة الشعائر الدينية وحقوق الإنسان هو أساس العدالة والإنسانية التي يجب أن تسود في كل زمان ومكان. وعلى المملكة العربية السعودية أن تعيد النظر في سياساتها وتسمح بحرية أداء المناسك للجميع دون تمييز أو تضييق، حفاظًا على قدسية الدين واحترام حقوق المسلمين حول العالم.
أضيف بتاريخ :2025/05/29