#تقرير_خاص: دول الخليج بين الحذر والتوازن: مخاوف من تصعيد إيراني إسرائيلي وتأثيراته على المنطقة

عبدالله القصاب
تعيش منطقة الخليج في ظل تصعيد غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، حيث تتصاعد التوترات بشكل يثير قلق الدول المجاورة، خاصة مع اقتراب احتمالات التصعيد العسكري وارتباطها بمصالحها الاقتصادية والأمنية. فبينما يراقب العالم عن كثب، تظهر دول الخليج حرصًا واضحًا على تجنب الانجرار إلى صراع مباشر، مع سعيها في الوقت ذاته إلى حماية مصالحها واستقرار المنطقة.
يبدو أن موقف دول الخليج من التصعيد الإيراني الإسرائيلي يتسم بالحذر الشديد، حيث حاولت هذه الدول تقديم رسائل تطمين لطهران، رغم إداناتها للهجوم الإسرائيلي على إيران. فالسعودية ودول الجوار تسعى جاهدة لتخفيف حدة التوتر، خوفًا من أن يؤدي أي تصعيد إلى تعطيل إمدادات النفط العالمية أو زعزعة استقرار الأسواق المالية التي تعتمد بشكل كبير على استقرار أسعار النفط.
وفي الوقت الذي تزداد فيه المخاطر، تتضح مخاوف دول الخليج من أن يكون التصعيد الحالي مقدمة لمواجهة أوسع قد تؤثر سلبًا على أمنها واستقرارها الاقتصادي. فارتفاع أسعار النفط بشكل مؤقت يعكس حالة من القلق السوقي، لكن الأهم هو أن هذه الدول لا ترغب في أن تتحول التوترات إلى حرب شاملة تؤدي إلى اضطرابات طويلة الأمد.
من جهة أخرى، فإن دول الخليج تدرك تمامًا أن أي تدخل مباشر أو غير مباشر في الصراع قد يهدد مصالحها الحيوية، خاصة مع وجود علاقات اقتصادية وسياسية مع كل من إيران والولايات المتحدة وإسرائيل. لذلك، فهي تحاول موازنة مواقفها بين دعم الاستقرار الإقليمي والحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الأطراف المعنية.
وفي سياق متصل، فإن ردود فعل هذه الدول تظهر حرصًا على عدم الانحياز الكامل لأي طرف دون الآخر، إذ إن إدانة الهجمات الإسرائيلية تأتي غالبًا ضمن إطار محاولة تقليل رد الفعل وتجنب التصعيد المباشر. فهذه الدول تدرك أن أي خطوة قد تؤدي إلى توسيع دائرة الصراع ستنعكس سلبًا عليها وعلى أمن المنطقة ككل.
أما فيما يتعلق بالمخاطر المستقبلية المحتملة، فإن التحليلات تشير إلى أن الكيان الإسرائيلي قد يختار في المستقبل استهداف منشآت نفطية إيرانية أو حتى إغلاق مضيق هرمز إذا ما استمرت التوترات في التصاعد. وهو ما يزيد من قلق دول الخليج التي تعتمد بشكل كبير على تدفق النفط عبر هذا الممر الحيوي.
وفي النهاية، يمكن القول إن موقف دول الخليج يعكس رغبة واضحة في الحفاظ على توازن دقيق بين حماية مصالحها الأمنية والاقتصادية وتجنب الانزلاق نحو صراع شامل. فهي تسعى جاهدة لاحتواء الأزمة وتخفيف حدة التوترات قدر المستطاع، مع إدراك كامل للمخاطر التي قد تنجم عن استمرار التصعيد الإيراني الإسرائيلي.
ختامًا، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة هذه الدول على إدارة مخاطر المرحلة الحالية دون أن تتأثر بشكل كبير من تبعات الصراع المحتمل. فحكمة الحكومات ومرونتها ستكون العامل الحاسم في تحديد مستقبل المنطقة وما إذا كانت ستنجح في تجنب كارثة أكبر أم لا.
أضيف بتاريخ :2025/06/18