#تقرير_خاص : السعودية والجولاني: بين دعم الأجندات الإقليمية واستهداف أهالي السويداء

عبدالله القصاب
في تطور لافت يعكس تعقيدات المشهد السوري، أبدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ترحيبه بإجراءات الشرع ضد أهالي السويداء، في خطوة تثير العديد من التساؤلات حول مواقف المملكة ودورها في الأزمة السورية. فقد بحث مع أحمد الشرع، المعروف باسم “أبو محمد الجولاني”، التطورات الأخيرة في السويداء، وأثنى على ما وصفه بـ"الاعتداءات التي نفذتها قوات هيئة تحرير الشام"، دون أن يسميها مباشرة، بذريعة احتواء الأحداث. هذا التصريح يسلط الضوء على موقف السعودية الذي يبدو داعمًا بشكل غير مباشر لممارسات الجماعات المسلحة ضد أبناء المنطقة ذات الغالبية الدرزية.
من الجدير بالذكر أن الجولاني هو أحد أبرز الوجوه الإرهابية التي سيطرت على المشهد السوري لسنوات طويلة. فقد برز كقائد لـ"جبهة النصرة"، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، قبل أن يعلن فك ارتباطه بالتنظيم عام 2016، خطوة أثارت الكثير من الشكوك حول دوافعها الحقيقية. منذ ذلك الحين، أصبح اسمه مرادفًا للتطرف والولاء للفكر القاعدي، وهو ما يثير قلق المجتمع الدولي من تبييض تاريخه الإرهابي عبر محاولات إعادة تموضعه السياسي.
وفي سياق متصل، تتواصل عمليات الجماعات المسلحة التي يقودها الجولاني في استهداف الأقليات السورية، خاصة في مناطق الساحل وريف حمص وعلى الحدود مع لبنان. هذه الهجمات تأتي ضمن استراتيجية واضحة لإضعاف مكونات المجتمع السوري وتفكيك نسيجه الاجتماعي، وهو ما يتزامن مع جهود النظام السعودي وداعميه الإقليميين مثل تركيا وقطر لإعادة تشكيل الحكم في دمشق وفق مصالحهم الخاصة.
أما عن الدور السعودي بشكل خاص، فهو يتجاوز مجرد الدعم السياسي ليشمل محاولة إعادة رسم خارطة النفوذ في سوريا عبر دعم الجماعات المسلحة وتوظيفها كأدوات لتحقيق أهداف إقليمية. فالسعودية تبدو وكأنها تسعى إلى تعزيز حضورها على حساب استقرار سوريا ووحدة أراضيها، مستغلة الانقسامات الداخلية والصراعات الإقليمية.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه التحركات الدبلوماسية السعودية ولقاءاتها مع مختلف الأطراف السورية والإقليمية، يُتهم الجولاني بتوظيف تاريخه الإرهابي لتبييض صورته أمام المجتمع الدولي. وفي ذات الوقت، تستمر جماعته في ارتكاب المجازر بحق أهالي السويداء وغيرها من المناطق ذات الغالبية الدرزية، مما يعكس نوايا مبيتة لاستهداف مكونات معينة من الشعب السوري وإشعال فتيل الفتنة الطائفية.
إن الحديث عن دعم المجتمع الدولي لإدارة الشرع يشير إلى محاولة شرعنة وجود الجماعات المسلحة كجزء من الحل السياسي المزعوم للأزمة السورية. لكن الواقع يؤكد أن هذه الجماعات لا تزال تمثل تهديدًا حقيقيًا للأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها. فالتاريخ الدموي للجولاني وجماعته لا يمكن نسيانه أو تبريره بأي شكل من الأشكال.
وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الدول الداعمة للجماعات المسلحة من تحقيق مصالحها على حساب أمن واستقرار سوريا وشعبها؟ أم أن الحل الحقيقي يكمن في إنهاء التدخلات الخارجية وإعادة بناء الدولة السورية على أسس وطنية جامعة؟ إن مستقبل سوريا مرهون بوعي المجتمع الدولي وعدم الانجرار وراء أجندات تقوض وحدة البلاد وتزيد من معاناة أهلها الأبرياء.
أضيف بتاريخ :2025/07/20