التقارير

#تقرير_خاص: السعودية وتحدي التنويع الاقتصادي: الواقع المرير أمام طموحات الرؤية

علي الزنادي

على مدى أكثر من عقد من الزمن، أعلنت السعودية عن نيتها في تنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على النفط، في إطار رؤيتها 2030. إلا أن الوقائع والأرقام تشير إلى أن هذا الهدف لا يزال بعيد المنال، بل إن التبعية للنفط تتزايد في بعض المؤشرات، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية الإصلاحات الاقتصادية المعلنة.

تشير البيانات إلى أن الاقتصاد السعودي لا يزال مرتبطًا بشكل وثيق بعائدات النفط، حيث يحتاج سعر برميل النفط إلى مستوى 96 دولارًا لضمان استقرار الاقتصاد الوطني، ويزيد هذا الرقم إلى 113 دولارًا عند احتساب إنفاق صندوق الاستثمارات العامة. ومع أن متوسط سعر خام برنت في عام 2024 لم يتجاوز 76.50 دولارًا، فإن ذلك يعكس فجوة كبيرة بين السعر المطلوب لتحقيق التوازن وسعر السوق الفعلي.

هذه الفجوة أدت إلى زيادة الاعتماد على الاقتراض وبيع الأصول الحكومية، وهو مسار قد يهدد استدامة المالية العامة على المدى الطويل. فالحكومة اضطرت إلى تكثيف الإنفاق على مشاريع ضخمة مثل نيوم وتبوك، بهدف تنشيط الاقتصاد وجذب الاستثمارات، إلا أن هذه السياسات لم تثمر عن نتائج ملموسة في تنويع مصادر الدخل.

وفي الوقت الذي تتطلع فيه السعودية إلى مستقبل أكثر تنوعًا اقتصاديًا، فإن استمرار الاعتماد على النفط يضعف من فرص تحقيق أهداف رؤية 2030 بشكل كامل. فالتوقعات الحالية لصندوق النقد الدولي تشير إلى أن الحساب الجاري للمملكة سيظل يعاني من عجز حتى نهاية العقد، مما يعكس محدودية التقدم في تقليل الاعتمادية على النفط.

من الواضح أن التحدي الأكبر يكمن في تحويل الطموحات السياسية والاقتصادية إلى واقع ملموس يتجاوز مجرد الشعارات والإعلانات. فمشاريع ضخمة مثل نيوم تظل بحاجة لبيئة استثمارية مستقرة ومتنوعة تتيح فرص عمل وتنمية حقيقية بعيدًا عن الاعتماد النفطي.

كما أن ضعف أسعار النفط العالمية يشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة. إذ تعتمد الميزانية السعودية بشكل كبير على عائدات النفط التي تتقلب وفقًا للسوق العالمية، مما يجعل الاقتصاد عرضة للصدمات الخارجية ويقلل من قدرته على النمو المستدام.

وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن السعودية من تجاوز تحدياتها وتحقيق تنويع حقيقي ومستدام لاقتصادها؟ أم ستظل رهينة لعوائد النفط حتى إشعار آخر؟ الإجابة تتطلب إرادة سياسية قوية واستراتيجيات واضحة تركز على تطوير القطاعات غير النفطية وتعزيز بيئة الأعمال المحلية والعالمية.

ختامًا، فإن الواقع الحالي يفرض على المملكة إعادة تقييم خططها وبرامجها التنموية بشكل جدي وشفاف. فالتنويع الاقتصادي ليس مجرد هدف سياسي أو إعلامي؛ بل هو ضرورة حتمية لضمان مستقبل اقتصادي مستقر ومزدهر للأجيال القادمة.

أضيف بتاريخ :2025/07/31

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد