التقارير

#تقرير_خاص: السوق السعودية بين التحديات والفرص: هل تتجه نحو استعادة عافيتها؟

عبدالله القصاب

شهدت سوق الأسهم السعودية الأسبوع الماضي أطول سلسلة تراجعات خلال ستة أسابيع، حيث هبطت أسعار 53 شركة إلى مستويات أدنى من تلك التي كانت قبل جائحة كورونا. هذا الانخفاض يعكس حالة من الإفراط في البيع وضعف ثقة المستثمرين، وهو مؤشر على أن السوق يمر بمرحلة من التوتر والقلق. إذ تراجعت السوق إلى مستوى 10656 نقطة، مسجلة انخفاضًا بنسبة 0.7%، وسط تراجع غالبية القطاعات، مما يعكس هشاشة الوضع الاقتصادي المحلي.

وفي ظل هذه الظروف، يظهر أن عائد التوزيعات النقدية لمؤشر تاسي يبلغ حالياً حوالي 4.4% خلال آخر 12 شهرًا، وهو عائد محدود مقارنة بالمخاطر التي يواجهها المستثمرون. هذا الأمر يثير تساؤلات حول مدى جاذبية السوق في ظل ضعف العوائد مقابل التقلبات المحتملة، خاصة في ظل الاعتماد الكبير على النفط كمصدر رئيسي للدخل الوطني.

الاقتصاد السعودي لا يزال يعاني من ضعف التنويع الاقتصادي، حيث يعتمد بشكل كبير على النفط الذي يتأثر بتقلبات الأسواق العالمية وأسعار الطاقة. هذا الاعتماد يجعل السوق عرضة لتقلبات حادة ويزيد من هشاشة الاقتصاد أمام أي صدمات خارجية أو داخلية. لذلك، فإن تعزيز التنويع الاقتصادي يمثل ضرورة ملحة لضمان استقرار السوق وتحقيق نمو مستدام.

على الصعيد الدولي، تتجه الأنظار الآن إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بعد صدور بيانات أظهرت نموًا ضعيفًا للوظائف في أغسطس. هذه البيانات دفعت المتعاملين إلى توقع خفض سريع للفائدة الأميركية، وهو ما يزيد من الضغوط على الأسواق الناشئة بما فيها السوق السعودية. فمثل هذه القرارات تؤثر بشكل مباشر على تدفقات رأس المال وتوجهات المستثمرين العالميين.

هذه التطورات الدولية تضيف تحديات إضافية أمام جهود تعزيز الاستقرار الاقتصادي المحلي. فالتقلبات الناتجة عن السياسات النقدية الأميركية يمكن أن تؤدي إلى تقلبات في أسواق الأسهم المحلية وتؤثر على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.

وفي ظل هذه الظروف المعقدة، يصبح من الضروري أن تتخذ السياسات الاقتصادية المحلية إجراءات لتعزيز الثقة وتحفيز الاستثمار الداخلي والخارجي. تنويع مصادر الدخل الوطني وتطوير قطاعات غير نفطية يمكن أن يسهم في تقليل الاعتمادية على النفط ويخلق بيئة أكثر استقرارًا وجاذبية للمستثمرين.

كما ينبغي العمل على تحسين بيئة الأعمال وتسهيل الإجراءات الاستثمارية لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، مع التركيز على تطوير البنية التحتية وتعزيز الابتكار والتكنولوجيا كوسائل لتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن السوق السعودية من استعادة عافيتها وتعزيز ثقة المستثمرين رغم التحديات الداخلية والخارجية؟ الإجابة تعتمد بشكل كبير على قدرة السياسات الاقتصادية والإصلاحات الهيكلية على التعامل مع هذه التحديات وتحويلها إلى فرص للنمو والاستقرار المستدام.

ختامًا، فإن المرحلة الحالية تتطلب رؤية واضحة واستراتيجيات مرنة لمواجهة التقلبات العالمية والمحلية، مع التركيز على تنويع الاقتصاد وتعزيز الثقة في السوق المالية لتحقيق مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للمملكة العربية السعودية.

أضيف بتاريخ :2025/09/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد