التقارير

#تقرير_خاص: أجور العمال المهدورة.. ظلال مظلمة على استضافة كأس العالم في السعودية

علي الزنادي

تحت أنظار العالم، تستعد السعودية لاستضافة كأس العالم 2034، حدث رياضي كبير يعكس مكانة البلاد على الساحة الدولية. لكن في ظل هذه الاحتفالات والتطلعات، تتكشف أنظرة مظلمة تتعلق بحقوق الإنسان، خاصة حقوق العمال الأجانب الذين يبنون منشآت الحدث الكروي العالمي. حيث يحرَم المئات من هؤلاء العمال من أبسط حقوقهم، وهي الأجر، رغم جهودهم الكبيرة في إنجاز المشاريع الضخمة.

نقل تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” عن حالة مأسوية، حيث لم تتلقَ مئات العمال، بعضهم منذ ثمانية أشهر، رواتبهم على الرغم من عملهم في مشاريع نفطية مهمة، بما في ذلك تلك الخاصة بشركة “أرامكو” الحكومية. هؤلاء العمال، القادمين من بنغلاديش والهند ونيبال، باتوا عاجزين عن إيجاد أي خيار سوى العودة إلى بلدانهم على نفقتهم الخاصة، أو البقاء في ظروف عمل قاسية ومخالفة للقانون، غير عابئين بخطورة ذلك على حياتهم وحقوقهم.

بحسب أحد العمال، اضطر للعمل بدون تصريح هربًا من الجوع، في مؤشر على مدى استشراء الظلم وعدم احترام الحقوق. فيما لا يجد المحتجون الآخرين سوى الصمت، أو تجاهل مطالباتهم بمستحقاتهم، بينما تتعمد بعض الجهات إخفاء حجم المشكلة وإخفاء عدد المتضررين، مما يعكس تواطؤًا رسميًا وأمنيًا في ملكة الظلم.

من جانبها، أقرّت وزارة الموارد البشرية السعودية بالمشكلة، لكنها امتنعت عن الكشف عن الأرقام الحقيقية للعمال المتضررين، الأمر الذي يزيد من غموض الملف ويغذي الشكوك حول وجود تغطية للتجاوزات. ومع ذلك، يضطر بعض هؤلاء العمال إلى الاستدانة من ذويهم أو المخاطرة بالسجن والملاحقة، وسط حالة من اليأس والظلم المستمر.

إن استمرار صمت الشركات الكبرى والجهات الدولية، خصوصًا “الفيفا”، عن هذه الانتهاكات، يضفي شرعية ضمنية على ممارسات غير إنسانية، ويُوَرّطُ المتسببين في تبييض سجل Saudi Arabia السيئ في حقوق الإنسان. هذه الانتهاكات، التي تتعلق بسرقة الأجور، تظل جرحًا نازفًا في المجتمع، يكتوي بناره آلاف العمال الذين يعانون بصمت، دون أن يملكوا سبل العدالة أو الحماية.

إن حقوق العمال ليست مجرد مسألة أخلاقية أو قانونية فحسب؛ فهي مقياس حضارة ورقي الأمم، خاصة تلك التي تستضيف حدثًا عالميًا بحجم كأس العالم. فكيف يمكن للعالم أن يتحدَّث عن التقدم والتنمية، وفي الوقت ذاته يغض الطرف عن حقوق العمال الأجانب الذين يبنون مجد البلاد بصمت وألم؟

تُعد هذه القضية رسالة واضحة للمجتمع الدولي، الذي يجب أن يحمل مسؤولياته في مراقبة وضمان حقوق الإنسان، وعدم التواطؤ مع انتهاكات تجري خلف الكواليس. على الحكومات والشركات أن تدرك أن استضافة حدث عالمي لا تبرر أبدًا انتهاك أبسط حقوق الإنسان، فجميع البشر، بمن فيهم هؤلاء العمال، يستحقون العدالة والكرامة.

وفي النهاية، يبقى جرح سرقة الأجور مفتوحًا، ينزف بصمت في بلد يرفع شعار التنمية والتقدم، لكنه يخفي خلف ستائره واقعًا مريرًا من الظلم والسخرة.

أضيف بتاريخ :2025/09/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد