#تقرير_خاص: حقوق الإنسان في السعودية: بين التصعيد والانتهاكات المتواصلة

علي الزنادي
على هامش الدورة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، أضاءت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان مع عدد من المنظمات الحقوقية على حجم المخاطر التي تواجه الحريات وحقوق الإنسان في السعودية، حيث تصاعدت الانتهاكات بشكل غير مسبوق في العام 2025. تظهر هذه الأحداث، بكل وضوح، أن الحديث عن إصلاحات حقيقية متجذر في أدوات دعائية، وأن الواقع على الأرض يختلف تمامًا عن الصورة التي تحاول السلطات تلميعها أمام المجتمع الدولي.
من بين أبرز المؤشرات على تصعيد انتهاكات حقوق الإنسان، تصاعد تنفيذ أحكام الإعدام بشكل غير مسبوق منذ بداية العام، إذ نفذت المملكة نحو 279 حكم إعدام، بزيادة تتجاوز 100 حالة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وأكثر ما يثير القلق هو أن غالبية هذه الإعدامات لا تندرج ضمن أشد الجرائم خطورة وفقًا للقانون الدولي، مما يعكس استخدام الإعدام كأداة ترهيب وإخافة لا كوسيلة للعدالة، الأمر الذي يُظهر تغول الدولة على حقوق الأفراد وأحكام الإعدام الجائرة.
وفي سياق التعتيم الإعلامي، أشارت المنظمة إلى أن توثيق هذه الانتهاكات يعتمد بشكل رئيسي على ما تنشره وسائل الإعلام الرسمية، وهو ما يثير الشكوك حول وجود حالات إعدام سرية لم يتم الإعلان عنها رسميًا. كانت قضية إعدام القاصر جلال اللبّاد دون إعلام عائلته نموذجًا صارخًا على انتهاك حقوق الأطفال وتهديد حياة من هم على قائمة الإعدام، وهو أمر يزيد من منسوب التوجس حول مدى مدى احترام القانون وحقوق الإنسان في المملكة.
لقد تحولت عقوبة الإعدام في السعودية إلى أداة مزدوجة تستخدم في تنفيذ أحكام جائرة، وتُوظف أيضًا في سياسة ترهيبية تهدف إلى تكميم الأفواه، وتخويف المجتمع من المطالبة بالحقوق أو حتى بالتعرف على الحقيقة. إذ يتعرض المعتقلون، خاصة من المدافعين عن حقوق الإنسان، للتهديد والضغوط، حيث يُحذرون من أن دفاع عائلاتهم في الخارج قد يُسرع تنفيذ الأحكام بحقهم، مما يعكس غياب أدنى معايير العدالة والشفافية في النظام القضائي.
وفي ظل استمرار حظر السفر وتقييد حرية التعبير، يبرز أن الإفراجات الأخيرة، التي تُعلن عنها السلطات، لا تعبر عن تغيّر حقيقي في ممارساتها، وإنما مجرد محاولات للتمويه أمام المجتمع الدولي. فالواقع الميداني يكشف أن الانتهاكات لا زالت قائمة، وأن السلطات تُحكم قبضتها على حرية التعبير والمجتمع، ما يضع حقوق الإنسان على المحك ويهدد حياة الكثيرين.
أما على صعيد ظروف عمل العمال الأجانب، فهل حققت الإصلاحات المعلنة على أرض الواقع شيئًا يُذكر؟ إذ أشار تقرير من الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب إلى أن ظروف العمال لا تزال صعبة، وأن الخطاب الرسمي لا يعكس واقعهم المؤلم، فهل جهود الحكومات في تحسين ظروف العمل تظل مجرد وعود، والحقوق المادية والمعنوية لا تزال مهدورة على نطاق واسع؟
أضيف بتاريخ :2025/09/15