التقارير

#تقرير_خاص: حقوق كبار السن في السعودية: بين التقارير الدولية والواقع المظلم

علي الزنادي

تزايدت مؤخراً الانتقادات الدولية تجاه وضع حقوق كبار السن في المملكة العربية السعودية، بعد أن قدمت الخبيرة المستقلة المعنية بتمتع كبار السن بجميع حقوق الإنسان، كلوديا ماهلر، تقريراً مهماً كشف عن انتهاكات ممنهجة تتعرض لها هذه الفئة في البلاد. يأتي هذا التقرير كصوت من أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان، ليُسلط الضوء على واقع مؤلم يعاني منه كبار السن في بيئة تفتقر إلى الحماية الكاملة والدعم اللازم.

تأكيد ماهلر على غياب الفرص أمام منظمات المجتمع المدني المستقلة للتعبير عن قضايا كبار السن يعكس ضعف قنوات المشاركة والديمقراطية، حيث تفتقر هذه الفئة إلى منصة موثوقة لعرض معاناتها. هذا يبعث على القلق حول مدى إمكانية فهم مشاكلهم من قبل الجهات المعنية، وما إذا كانت هناك نية حقيقية لتحسين أوضاعهم بشكل فعلي.

وفضلاً عن ذلك، أشارت التقارير إلى أن هناك نقصاً حاداً في الحماية الرسمية لكبار السن، سواء من ناحية الرعاية الاجتماعية أو الدعم الاقتصادي. نظام التقاعد، الذي يُفترض أن يكون وسيلة لضمان حياة كريمة لثمرة جهودهم طوال سنوات العمل، لا يبدو أنه كافٍ لتلبية احتياجات هذه الفئة، مما يترك ثغرات كارثية ينهشها الإهمال والتجاهل.

وإضافة إلى ذلك، أعربت ماهلر عن قلقها البالغ إزاء وجود مسنين معتقلين تعسفياً داخل السجون، وهو أمر يُعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ويُظهر تراجعاً واضحاً في احترام القوانين الدولية التي تضمن حرية وكرامة كل إنسان، خاصة المعرضين لأعمار متقدمة.

أما على صعيد العنف والإهمال، فالتقارير تتحدث عن سوء معاملة يتعرض له كبار السن، خصوصاً داخل المؤسسات الرسمية، الأمر الذي يعكس ضعف الرقابة وعدم وجود آليات واضحة لحمايتهم من الانتهاكات. وهو وضع يجعل المسنين عرضة للاستغلال والتعسف، دون وجود ضمانات حقيقية لإنصافهم أو ردع المعتدين.

في ظل هذه الصورة القاتمة، يطرح تساؤلٌ عميق حول كيف يمكن للمجتمع والسلطات المعنية أن يُعيدوا حقوق كبار السن إلى مسارها الصحيح، عبر إقرار قوانين واضحة، وتفعيل آليات تشريعية لردع الانتهاكات، وتحسين مستوى الخدمات الصحية والاجتماعية المقدمة لهم.

كما ينبغي على الحكومة أن تأخذ على عاتقها مسؤولية إصلاح النظام التقاعدي، وتوفير الدعم الاقتصادي الكافي لضمان حياة كريمة لكبار السن، باعتبارهم خزّان خبرة وحكمة تفتخر بها الأمة. فكرامة الإنسان، خاصة في مراحل العمر المتقدمة، هي قيمة لا يجوز أن تُهدر.

وفي النهاية، يتوجب على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية أن تواصل مراقبة وضع حقوق كبار السن في السعودية، وأن تعمل على الضغط من أجل تطبيق معايير حقوق الإنسان بشكل فعلي، لضمان أن يعيش كبار السن في أمان وكرامة، بعيداً عن العنف والإهمال.

إن حقوق كبار السن ليست مجرد رسالة أخلاقية، بل هي واجب إنساني وأخلاقي يتطلب من جميع الأطراف العمل الجاد لتحقيق واقع أفضل، يضمن لهم حياة تليق برفعه، ويعكس احترام المجتمع لقيم العدالة والإنسانية.

أضيف بتاريخ :2025/09/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد