#تقرير_خاص: اتفاقية الدفاع بين السعودية والباكستان.. تعزيز لأمن الخليج أم مجرد أداة في يد القوى الكبرى؟

علي الزنادي
في ظل التصعيد المستمر في الشرق الأوسط، ومتغيرات المنطقة، لا يخفى على أحد أن دول الخليج، خاصة السعودية، باتت تعيد حساباتها الدولية، محولة أنظارها نحو استراتيجيات جديدة لتعزيز أمنها. وتأتي التحالفات الدفاعية، كخطوة جريئة، في محاولة لتوفير حماية حقيقية أمام التهديدات المتزايدة. لكن، هل يمكن لهذه الاتفاقيات أن تحقق أهدافها على المدى البعيد، أم أنها مجرد أوراق في لعبة النفوذ الكبرى؟
في أعقاب القصف الإسرائيلي لقادة حماس في الدوحة، توتر المشهد في المنطقة بشكل غير مسبوق، وظهرت الحاجة ماسة لشراكات أمنية أكثر اتساعًا. السعودية، التي شعرت بتهديد مباشر لسلامتها، لم تتردد في التحرك نحو باكستان، الدولة النووية، بحثًا عن ضمانات أمنية. هذا التحرك لم يكن وليد اللحظة، بل يأتي بعد عقود من الدعم السعودي لباكستان، مدفوعة برغبة في حماية مصالحها من خلال علاقات استثمرت فيها بنفطها ومالها، كما يذكر تقرير فايننشال تايمز.
سلسلة من الاتفاقات المبرمة بين الرياض وإسلام آباد تعكس نموذجًا من استغلال الحاجة، حيث استفادت السعودية من دعمها المالي والسياسي لباكستان، مقابل الحصول على مظلة حماية جيوسياسية. فمساعدة باكستان عبر التمويل والنفط، كانت دائمًا جزءًا من إستراتيجية أوسع لتعزيز نفوذها الإقليمي، مع استدامة الاعتماد على النفط المجاني عند الحاجة، ودعم المؤسسات الدينية للمساهمة في تثبيت نفوذها الفكري والسياسي.
لكن السؤال الذي يظل يعمق الجدل هو: هل يمكن أن تحقق هذه الاتفاقات أهدافها بشكل فعلي في ظل هيمنة النفوذ الأمريكي على المنطقة؟ الولايات المتحدة لطالما كانت اللاعب الرئيسي في رسم التوازنات بين القوى الإقليمية، وأي اتفاق دفاعي، حتى وإن بدت وُعودًا بمزيد من الاستقلال، يبقى رهين إرادتها وتوجيهاتها. فهي التي تمتلك الثقل العسكري والسياسي، وتُرسم بمحتواها ملامح المشهد الإقليمي والدولي.
من جهة أخرى، فإن اعتماد دول الخليج على التحالفات الثنائية بعيدًا عن إطار مرن ومتوازن يُجردها أحيانًا من حرية الحركة، ويجعلها رهينة لمصالح قوى دولية كبرى. إذ أن التفاهمات التي تُبرم باسم الأمن، قد تتحول إلى أدوات للسيطرة والتأثير، تُحكم مجريات الأمور وفقًا لمصالحها الخاصة، وليس دائمًا بمصلحة شعوب المنطقة.
الواقع أن هذه الاتفاقيات، رغم أهميتها، تظل حبرًا على ورق، إن لم تكن مدعومة بسياسات داخلية واقعية، وتوازن إقليمي لا يخضع للمصالح الخارجية فقط. فالوضع الدولي، والتغيرات في مواقف القوى الكبرى، قد يحول دون تحقيق الأهداف المعلنة، خاصة إذا ما كانت تعتمد على ضمانات خارجية تُبقي المشكلة مركونة على الأرفف، بدل معالجتها بأساليب استدامة وواقعية.
وفي النهاية، يبقى السؤال الأبرز: هل ستظل الاتفاقات دفاعية مجرد أدوات تفاوض تكون ورقة ضغط في يد القوى الكبرى؟ أم أنها ستتحول إلى عوامل تعزيز أمن حقيقي يضمن استقرار المنطقة، ويقلل من التبعية السياسية والعسكرية؟ الجواب يتوقف على استقلالية القرار العربي، ومرونته، وإرادته في بناء سياسات داخلية متماسكة، لا تعتمد على إشارات الخارج.
أضيف بتاريخ :2025/09/26