#تقرير_خاص: مهرجان الرياض للكوميديا والتمايز بين الترفيه والسياسة: هل هو مجرد حدث فني أم استغلال للتغطية على قضايا حقوق الإنسان؟

عبدالله القصاب
شهدت الصحافة الغربية والأميركية اهتماماً كبيراً بمهرجان الرياض للكوميديا، وسط انتقادات واسعة تتعلق بسياقه ودوافعه، فقد ناقله العديد من وسائل الإعلام عن مجموعة من الكوميديين البارزين، الذين عبّروا بشكل صريح عن استيائهم من مشاركة زملائهم في هذا الحدث، معتبرين أن ذلك يمثل بمثابة تغطية على انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة.
من بين هؤلاء الكوميديين، مارك مارون، مقدم بودكاست “WTF”، الذي علق بسخرية على تنظيم المهرجان، متساءلاً عبر إنستغرام عن الجهة التي أمنت له مثل هذا الحدث، مشيراً بشكل لاذع إلى ارتباطه بأحداث 11 سبتمبر، إذ قال: “من الجهة التي قدّمت لكم أحداث 11 سبتمبر، نقدم لكم أسبوعين من الضحك في الصحراء… لا تفوتوه!”، في إشارة واضحة إلى الطبيعة المعقدة لهذا المهرجان، وتوجيه رسائل نقدية ضمنياً لسياسات السعودية وانتهاكاتها.
وفي الوقت الذي يُروّج فيه المهرجان على أنه أكبر مهرجان كوميدي في العالم بمشاركة نجوم عالميين مثل كيفن هارت وجيسيكا كيرسون وبيت ديفيدسون، فإن منظميه والمنشئين له، يواجهون تساؤلات حادة عن دوافعهم، خاصة وأن هذا الحدث يتزامن مع ذكرى مقتل الصحفي جمال خاشقجي، والذي تحمّل إدارة بايدن السعودية مسؤولية قتله في عام 2018، وهو واحد من أبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي يواجهها النظام السعودي.
السعودية، باعتبارها حليفة للولايات المتحدة، معروفة بأنها مملكة استبدادية تقمع حرية التعبير بشدة، الأمر الذي يضع سؤلاً جوهرياً حول مدى صدق ما يُعلن عنه من قبل بعض الفنانين والنجوم الذين يشاركون في المهرجان، عن رغبتهم في نشر الترفيه والضحك، في مقابل تفاقم الانتهاكات الحقوقية والانتهاكات للحرية السياسية والدينية.
يبدو أن تنظيم مثل هذا المهرجان هو جزء من رؤية ولي العهد محمد بن سلمان 2030، التي تهدف إلى تحديث صورة المملكة وجعلها مركزاً للثقافة والفنون، لكنه في الوقت ذاته، يثير تساؤلات من أن هذا التوجه قد يتم استخدامه كوسيلة لتلميع الصورة الدولية، والتغطية على الواقع الذي يتناقض مع هذه الصورة المثالية المعلنة.
مشاركة شخصيات مرموقة مثل بيت ديفيدسون، الذي فقد والده في هجمات 11 سبتمبر، تحمل دلالات عميقة، إذ يمكن تفسيرها على أنها محاولة للربط بين الحدث الفني وأحداث عالمية مؤثرة، مما يعطي المهرجان بعداً سياسياً غير معلن، ويثير أسئلة حول مدى استقلالية الفنانين وطمأنتهم للمشاركة في مثل هذه الأحداث.
على المستوى الدولي، تبقى قضية حقوق الإنسان في السعودية محط اهتمام ومساءلة، خاصة مع تزامن مهرجان الكوميديا مع ذكرى قتل خاشقجي، وما يرافق ذلك من ضغط حقوقي ودبلوماسي. فهل يُمكن لمهرجان يُروّج له بقوة أن يكون مجرد ترفيه بريء، أم هو أداة للتطبيع مع واقع انتهاكات حقوق الإنسان؟
أضيف بتاريخ :2025/10/04