#تقرير_خاص: هل يلاحق الرعب والدماء صورة التحديث في السعودية؟

علي الزنادي
تشهد المملكة العربية السعودية فصولاً مقلقة من الانتهاكات الحقوقية، تتناقض بشكل صارخ مع وعود الإصلاح التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان. فبينما تروّج المملكة لنفسها كجهة تتجه نحو الانفتاح والتحديث، ترتكب سلطاتها انتهاكات دامية ترقى إلى مستوى انتهاك صارخ للمعايير الدولية، حيث شهد العام الجاري ارتفاعاً غير مسبوق في عمليات الإعدام، التي تجاوزت حتى الآن 283 حالة منذ بداية 2025، مع توقعات أن يتجاوز الرقم عدد إعدامات عام 2024، الذي سجل 345 حالة، بمعدل مرعب يعادل إعدام شخص كل 25 ساعة.
تلك الإعدامات تشمل فئات متنوعة، من قُصّر، ونساء، ومدونين، وأشخاص لم تتضح ضدهم أية تهم جنائية حقيقية، الأمر الذي يُثير تساؤلات حول نية النظام من وراء ذلك. فهناك من يُدانون بسبب جرائم ارتكبت عندما كانوا قُصّر، كما حدث مع الشاب جلال اللباد، الذي أدين زوراً بجرائم وقعت وهو في سن الطفولة. وعلى الرغم من ذلك، تستمر السلطات في توسيع استخدام أحكام التعزير، وهي أحكام فضفاضة تعتمد على اجتهاد القاضي، وتُستخدم عادةً في قضايا لا يُنص عليها صراحة في الشريعة، ما يمنح النظام غطاءً قانونياً لملاحقة والمعارضين والمحتجين، بزعم مكافحة الإرهاب أو حماية الأمن الوطني.
واللافت أن معظم هذه الأحكام تصدر عن المحكمة الجزائية المتخصصة، التي حولها النظام إلى أداة لقمع الحريات وتصفية الحسابات السياسية، بعيداً عن العدالة. إذ يُستخدم القضاء بشكل مكثف كمحطة لترهيب المعارضين واحتكار صوت الاحتجاج، وفق ما تؤكده منظمات حقوقية دولية مثل منظمة العفو الدولية، التي تشير إلى أن هذا النهج يُبدي محاولة لتشريع القمع تحت شعار مكافحة الإرهاب.
وفي سياق هذا التصعيد، يُضاف عنصر التناقض الصارخ، حيث تستضيف السعودية فعاليات ترفيهية كبرى، مثل مهرجان الكوميديا الذي استمر لأسبوعين، إمعاناً في محاولة لتبييض صورتها أمام المجتمع الدولي. يشارك في ذلك فعاليات فنانية ونجوم عالميين، وذلك بالتوازي مع حملة الإعدامات الشرسة، قد تُستخدم كغطاء إعلامي لشراء التواني العالمي، وإشغال الرأي العام عن انتهاكاتها الممنهجة.
المراقبون يرون أن هذه الحملة القمعية تأتي في سياق سياسة واضحة لتكميم الأفواه، حيث يُسلط النظام السعودي القضاء على المعارضة كحيلة للسيطرة على الوضع الداخلي، بدلاً من الاعتماد على أساليب التصفية المباشرة، التي ارتبطت سابقاً بجرائم مثل قتل الصحفي جمال خاشقجي. وما يزيد الأمر تعقيداً، أن النظام يتظاهر بالمشاريع الإصلاحية والانفتاح، بينما يستمر في قمع الناقدين لأدنى صوت، حتى داخل أروقة الدولة ذاتها.
وعلى الصعيد الدولي، تتهم جهات حقوقية الغرب بتواطؤ مريب، إذ يُلاحظ أن الدول الغربية تغض الطرف عن انتهاكات السعودية، إما بسبب مصالحهم الاقتصادية أو رغبتهم في الحفاظ على علاقات دبلوماسية. ويقتنع الكثير من الناشطين أن النظام يستغل انشغال العالم بالمجزرة في غزة، لتنفيذ أكبر قدر ممكن من الإعدامات، ثم تبييض سمعته عبر فعاليات ترفيهية وشراكات مثيرة للجدل,
أضيف بتاريخ :2025/10/09