التقارير

#تقرير_خاص: الاستغلال الممنهج في منظومة رؤية 2030: الحقيقة القاتمة خلف الأضواء

عبدالله القصاب

تحت غطاء رؤية 2030 الطموحة، يسعى النظام السعودي إلى تسويق صورة حديثة ومتقدمة عن المملكة، لكن الواقع يكشف عن أوجه مظلمة لا تظهر في الواجهة. إذ تتواصل ممارسات استغلال العمالة الأجنبية، خاصة العمال الهنود، في ظروف غير إنسانية داخل مواقع مشاريع الطاقة والطاقة المتجددة. هناك من يعيش ويعمل برغم تقاضي أجور لا تتجاوز 300 دولار شهريًا، في بيئات عمل قاسية وخارجة عن معايير الإنسانية، حيث يُحتجز جواز سفرهم ويُحرمون من أبسط الحقوق الأساسية.

هذه الممارسات ليست جديدة، فهي تتكرر منذ سنوات طويلة، وتتعزز في سوق العمل السعودي الذي بات منصة لنهب الكفاءات والأيادي العاملة، دون أدنى مراعاة لحقوق هؤلاء العمال. الصمت الدولي إزاء هذه الانتهاكات يبدو حتى الآن محدودًا، أمام تغاضي الحكومات والمنظمات الحقوقية عن حقيقة الأمر. فهذه الانتهاكات ليست حوادث عابرة، وإنما جزء من منهج يقوم على استغلال دائم ومنتظم للقوى العاملة الأجنبية.

وفي سياق متصل، عادت أزمة العمال في شركات عالمية، مثل شركة أمازون، إلى الواجهة مجددًا، مظهرة أن الاستغلال لا يقتصر على الشركات المحلية فحسب، بل يمتد كذلك إلى شركات كبرى تعد رمزا للتحديث والتطور. إذ كشفت تحقيقات صحفية عن ساعات عمل تصل إلى 12 ساعة في يوم، وسكن يشبه الحظائر، يفتقر لأدنى مقومات النظافة والتهوية، مع غياب التعويضات العادلة، مما يعكس نمطًا من استغلال متواصل وسادس.

هذه السياسات تُظهر ازدواجية النظام بشكل فاضح: فبينما يُروج إعلاميًا لمشروعات تنموية ضخمة، تُمارَس على أرض الواقع انتهاكات فادحة لحقوق الإنسان والعمال، مما يضعُف مصداقية الصورة التي تحاول المملكة ترويجها داخليًا وعالميًا.

يُصبح من الواجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في مراقبة واحترام حقوق العمال، خاصة وأن الكثير منهم يُعتبرون وقودًا لهذا النموذج التنموي المزيف. التراخي في التعامل مع هذه الممارسات يرسخ قناعة بأن مصالح الدول والشركات الكبرى أحيانًا تتغلب على حقوق الإنسان، مما يفاقم من الأزمة الأخلاقية التي تعاني منها المنطقة.

المطلوب اليوم هو وقفة حاسمة من قبل المنظمات الحقوقية الدولية، بالإضافة إلى ضغوط دبلوماسية لتحسين أوضاع العمال، والضغط على النظام السعودي لإنهاء سياساته الاستغلالية. إن الاقتصار على التلميع الإعلامي ونشر المشاريع التنموية لا يمكن أن يخفي استمرار انتهاكات حقوق الإنسان، التي تتسبب في معاناة إنسانية حقيقية.

وفي زمن يواجه العالم تحديات كبيرة، تصبح الحاجة للعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان ضرورة ملحة، وليس مجرد شعارات للاستهلاك الإعلامي. إذ أن استمرار استغلال العمال، خاصة في ظل انخراط الشركات العالمية، يهدد مصداقية السيادة وكرامة الإنسان على حد سواء.

ختامًا، لا بد أن تتحد جهود المجتمع الدولي والأنظمة الديمقراطية لضمان ألا تكون رؤية 2030 مجرد صورة مزيفة تُختَزَلُ في أضواء إعلامية، في حين يُفترَس حقوق العمال ويُهدَر دمُهم، فهذه الحقوق ليست مقابلًا اقتصاديا، بل إنسانية بامتياز. والأمل في أن تتجاوز المملكة أزماتها الداخلية، وتتبنى سياسات عادلة تراعي كرامة كل عامل وحقوقه,

أضيف بتاريخ :2025/10/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد