#تقرير_خاص: عقوبة الإعدام في السعودية: فزاعة أمنية أم انتهاك لحقوق الإنسان؟

عبدالله القصاب
في ظل تفاعل العالم مع اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، الذي يُحتفل به في العاشر من أكتوبر كل عام، يتأكد أن هناك دولًا لا تزال متمسكة بهذه العقوبة بشكل يثير الكثير من التساؤلات حول مدى إنسانيتها ومصداقيتها. من بين هذه الدول، تبرز المملكة العربية السعودية كواحدة من أكثر الدول تنفيذًا لأحكام الإعدام، حيث تظل ضمن المراتب الثلاث الأولى عالميًا، وفقًا لتقارير حقوقية حديثة.
تسعى السعودية إلى تبرير عمليات الإعدام التي تنفذها بأنها إجراء ضروري من أجل تحقيق الاستقرار والأمن، إلا أن الأرقام والوقائع تُظهر عكس ذلك تمامًا. إذ تجاوزت عمليات الإعدام خلال العام الجاري 288 حالة من 17 جنسية مختلفة، في ظل خطاب رسمي يروج لهذه الأحكام كوسيلة لضمان أمن المجتمع، وهو خطاب يفتقر للمصداقية ويعكس استغلالًا سياسيًا واضحًا.
المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، كشفت في تقريرها الأخير عن أن السعودية لا تستخدم عقوبة الإعدام كجزء من النظام القضائي فقط، وإنما كأداة قمع وترهيب، لفرض السيطرة على المجتمع وكتم أصوات المعارضة، عبر تبريرات دينية وقانونية مكررة. هذا الخطاب المزدوج يعكس محاولة تغليف القتل الممنهج بغلاف شرعي يطمئن المجتمع ويبرر عمليات القتل الجماعي.
من المؤسف أن البيانات الرسمية التي تنشرها وسائل الإعلام السعودية تميل إلى تبرير الإعدامات باستخدام آيات قرآنية وتفسيرات فضفاضة، إلا أن الواقع يُفضح زيف هذا الادعاء. خاصة مع تصاعد عمليات الإعدام الجماعي، ودمج التهم السياسية مع الجنائية، مما يهدف إلى تضليل الرأي العام وإخفاء أوجه التعسف والانتهاك.
وفي حالات كثيرة، تتجلى قسوة النظام في استهداف عائلات الضحايا، إذ يُمنع عنها وداع أحبّائها أو استلام جثامينهم أو حتى معرفة أماكن الدفن، الأمر الذي يرسخ صورة الإعدام كأداة تنكيل لا تتوقف عند الموت، بل تستمر في قمع وإذلال الأحياء.
منذ أن تولى الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم في 2015، نفذت السلطات السعودية أكثر من 1877 حكما بالإعدام، وهو رقم يعكس تصعيدًا ممنهجًا يهدف إلى نشر الخوف وترسيخ سلطة الدولة، وليس حماية الأمن بمفهومه الحقيقي. هذه السياسات تُظهر أن هدف الحكومة ليس توفير بيئة آمنة، بل خلق مناخ من الرعب يطارد المجتمع بأسره.
وفي النهاية، من الواضح أن تبرير الرياض لعقوبة الإعدام كمحاولة لتحقيق الأمن هو مجرد غطاء لسياسة ترهيب وتركيع، تًتم باسم الدين والشرعية. إن القمع والتنكيل لا يحققان استقرارًا، بل يعمقان من أوجه الظلم والانتهاكات، ويقوضان حقيقة الحقوق الأساسية، وفي مقدمتها الحق في الحياة.
وفي ظل التصاعد المستمر لوتيرة الإعدامات، لا بد من سوال حقيقي يُطرح على المجتمع الدولي: هل تبقى صامتًا أمام انتهاكات تُهدد كرامة الإنسان وحقوقه، أم وقت العمل على إيقاف هذه المذابح، والعمل على إلغاء العقوبة التي أصبحت أداة للترهيب والقمع، وليس للعدالة؟ إن مستقبل حقوق الإنسان يتوقف على مواقفنا تجاه مثل هذه السياسات الموجعة والمهددة لكل معاني الإنسان.
أضيف بتاريخ :2025/10/13