#تقرير_خاص: انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة السعودية.. استمرارية القمع وتجاهل العدالة

علي الزنادي
في وقت تتجه فيه الأنظار إلى الالتزامات الدولية بحقوق الإنسان، تظل المملكة العربية السعودية ساحة لممارسات قمعية تفضح استمرار نهج القمع والتنكيل المعتمد من قبل النظام. أحدث الأمثلة على ذلك هو تنفيذ حكم الإعدام بحق معتقل الرأي عبدالله بن محمد بن سعيد الدرازي، الذي لم يتجاوز عمره 17 عاما وشهرين وقت اعتقاله، مما يعكس تجاهلًا تامًا للقوانين والمواثيق الدولية التي تحظر إعدام القصّر.
تكررت على مر السنين العديد من الانتهاكات الجسيمة في سياق القضية، بدءا من الاعتقال التعسفي بدون مذكرة توقيف، مرورا بالتعذيب المستمر، وانتهاك الحق في المحاكمة العادلة، وصولا إلى إصدار حكم الإعدام بناء على تهم غامضة ومفتعلة، غالبًا مرتبطة بحرية التعبير والتظاهر السلمي. ففي حالة عبد الله، لم تقدم السلطات أي أدلة ملموسة أو تحديد واضح للجهة المتهمة، وإنما لجأت فقط إلى سيناريوهات غالبا ما تكون ذات دوافع سياسية وأمنية.
شهدت القضية العديد من الانتهاكات، بدءًا من الاختفاء القسري الذي استفحل خلال سنوات اعتقاله، وصولًا إلى المحاكمات التي افتقدت الحد الأدنى من معايير العدالة، والتي غالبًا ما تكون مسيسة وتفتقر للنزاهة، خاصة حين تصدر أحكام إعدام بحق معتقلين قاصرين دون أدنى مراعاة للأمر الملكي الصادر في 2020، والذي أكد إلغاء عقوبة الإعدام بحق من هم دون سن الثامنة عشرة.
على الرغم من التصريحات الرسمية التي أدلى بها ولي العهد السعودي في مقابلة مع “ذا أتلانتيك” في مارس 2022، والتي أكد فيها أن عقوبة الإعدام لم تعد تُطبق إلا في جرائم القتل، إلا أن الواقع يمر بما يخالف ذلك تمامًا، حيث تصدر الأحكام وتنفذ بحق معتقلين أطفال بسبب تهم ذات طبيعة سياسية، كشأن عبد الله ودلال لباد الذين أعدما بعد محاكمات غير نزيهة، في استهتار بحقوق الأطفال والتشريعات الدولية.
وفي ظل استمرار هذه الانتهاكات، تظهر جهود المنظمات الحقوقية الدولية والحقوقيين المستقلين كمحاولات لفضح هذه الممارسات، إلا أن النظام السعودي يظل مصمّمًا على تجاهل هذه الأصوات، مواصلاً تنفيذ الإعدامات والتضييق على المعارضين، رافعًا شعار أن الأمن فوق كل اعتبار، متجاهلًا بالأدلة الصارخة التكاليف الإنسانية والحقوقية لهذه السياسات.
إن ما يحدث مع عبد الله الدرازي ليس مجرد قضية فردية، بل هو تجسيد مأساوي لسياسات قمعية تؤمن بمبدأ تكميم الأفواه، وتكريس السجون كمراكز للتعذيب، وتجاهل أن الأهم من العقوبات هو العدالة وحقوق الطفل في الحماية والعيش بكرامة. فالتضحيات التي يقدمها هؤلاء المعتقلون من أجل حرية الرأي والممارسة السياسية السلمية تصطدم بسياسات تجريم التظاهر والانتهاك المنظم للقانون.
من الجدير بالذكر أن استئناف الحكم أمام المحكمة العليا لم يغير من الأمر شيئًا، حيث أيدت الأحكام وأكدت حكم الإعدام، مخالفًة بذلك كل المبادئ التي تؤكد على حماية حقوق الطفل، وتجنب العقوبات الأشد، خاصة في حالات الجرائم المزعومة المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، والتي لا تتطلب في الأصل مثل هذه العقوبات القاسية.
أضيف بتاريخ :2025/10/22