التقارير

#تقرير_خاص :  وعود الطموح وتحديات الواقع: كيف أصبح صندوق السعودية السيادي ضحية المضاربات الاقتصادية؟

عبدالله القصاب

في ظل التصريحات الرسمية التي تروج لخطط الاستثمار الضخمة، يظهر فجأة الواقع المالي المتدهور في المملكة العربية السعودية، حيث تكشف تقارير صحفية عن حال صندوقها السيادي، الذي يُفترض أن يكون رافعة لتحقيق رؤى ولي العهد محمد بن سلمان، ولكنه يعاني من نقص حاد في السيولة وارتباك مالي يهدد مستقبل تلك الطموحات. هذا التناقض بين الصورة الإعلامية والواقع الاقتصادي يعكس أزمة ثقة خطيرة في إدارة الموارد الوطنية.

على مدى السنوات الماضية، حصلت مشاريع مثل "نيوم" على قدر هائل من التمويل والترويج، لكنها للأسف واجهت تأخيرات وانهيارات متتالية، مع عدم تحقيق نتائج ملموسة حتى الآن. مشاريع بيزنيسية أخرى كالمقاهي والسفن السياحية وشركات السيارات الكهربائية، فشلت جميعها في تغطية التوقعات، مما يسلط الضوء على استنزاف الثروات في مشاريع شخصية وبرامج غير مجدية اقتصادياً. من الواضح أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الإنفاق المبالغ فيه وفشل تحقيق العوائد المستهدفة.

وفي حين يعاني الصندوق من عجز في السيولة، تظهر تقارير أن جزءاً كبيراً من أصوله مقفل في مشاريع يصعب تصفيتها أو تقييمها، وهو ما يعمق من هشاشة وضعه المالي. الأرقام الرسمية التي يتحدث عنها متحدث الصندوق، والتي تشير إلى توفر 60 مليار دولار من السيولة، لا تكفي لتغطية حجم الطموحات الاقتصادية الضخمة التي أعلن عنها ولي العهد، خاصة في ظل انتشار القروض للموازنة بين الإنفاق والإيرادات.

تسريب أن النظام يستمر في الترويج لمشاريع استثمارية ضخمة، رغم الأزمة، يعكس ازدواجية مدمرة في السياسات؛ فهناك تصعيد إعلامي يهدف إلى إظهار صورة القوة والثراء، مقابل إدارة مالية متعثرة تتآكل فيها الثروات الوطنية وتُهدَر دون جدوى، وهو ما يهدد مستقبل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

الأزمة الماليّة المتفاقمة داخل المملكة، والإفلاس المرتقب لبعض المشاريع، يعكس فشل المخططات الطموحة في تحقيق نفع حقيقي للمواطنين، خاصة في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية صارمة، تضع الشعب أمام ضغوط متزايدة وتفرض قيوداً على الحياة اليومية، بينما يظل التركيز الإعلامي منصباً على الوعود والتصريحات الفارغة.

هذه الحالة تسلط الضوء على الصورة المشوهة التي تُقدَّم عنها السعودية، حيث يختلط الوهم بالواقع، وتتردد أصداؤه في أذان المستثمرين والمواطنين على حد سواء. فالأموال التي تنفق بحماسة لا توازيها عوائد حقيقية أو فوائد ملموسة، مما يزيد فقدان الثقة ويؤجج المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد الوطني.

في النهاية، يتوجب على النظام أن يعيد تقييم سياسته المالية ويترك المظاهر الإعلامية جانباً، ليعمل على إدارة أصوله بطريقة شفافة وفعالة. فالتحدي الحقيقي هو تحقيق تنمية مستدامة تؤدي إلى رفاهية المواطنين، وليس مجرد تصوير خارجي لصورة القوة والثراء، لأنها لن تصمد أمام تقلبات الأسواق أو الأزمات المالية.

ختاماً، تبرز أزمة صندوق الاستثمار السعودي كمثل على الهوة بين التصريحات والطموحات من جهة، والواقع الاقتصادي المرير من جهة أخرى. فالإصلاح الحقيقي يبدأ بإعادة الأمور إلى نصابها، وتوجيه الجهود نحو مشاريع إنتاجية تخلق قيمة حقيقية، بدلاً من استنزاف الثروة في مشاريع وهمية.

أضيف بتاريخ :2025/11/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان