#تقرير_خاص: الزيارة الرسمية لمحمد بن سلمان: دعاية مزدوجة بين التلميع الدولي والحقيقة الحقوقية المظلومة
علي الزنادي
يبدو أن الميديا السعودية تتجه خلال الأيام الأخيرة إلى تصوير الزيارة الرسمية التي قام بها ولي العهد محمد بن سلمان إلى واشنطن على أنها إنجاز دبلوماسي واقتصادي غير مسبوق. فوسائل الإعلام الحكومية والخاصة المقربة من النظام تتنافس على إبراز الصورة المثالية للعلاقات السعودية الأميركية، من خلال سرد نجاحات وصفوها بالكبرى، مثل توقيع اتفاقيات التسليح ومشاريع النفط والذكاء الاصطناعي والطاقة النووية.
وفي الوقت الذي تُركز فيه الحملات الإعلامية على تعزيز مكانة بن سلمان عالمياً، يظهر من خلال استعراض الواقع أن هذا الصورة المرسومة لا تعكس الحقيقة الداخلية للمملكة. فالسياق الداخلي يشهد تصاعدا ملحوظا في انتهاكات حقوق الإنسان، من إعدام جماعي واعتقالات تعسفية للناشطين والصحافيين، في ظل تراجع كبير لحريات التعبير والمساءلة.
إضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل أن الملف الحقوقي الذي يطارد ولي العهد منذ حادثة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، لا يزال نقطة سوداء في سجله، على الرغم من محاولات التغطية الإعلامية السعودية الجديدة. ففي مقابل الاحتفالات والصفقات، تتواصل موجة الإعدامات، بما يشمل قاصرين، وتتواصل الاعتقالات على خلفية سياسية، حيث يعمد النظام إلى قمع أي صوت مخالف بشكل ممنهج ومنظم.
وفي ظل هذه الصورة المظلمة، تحرص وسائل الإعلام الموالية على التأكيد على أن الزيارة تعزز من مكانة بن سلمان كحليف أميركي مقرب، ومع ذلك، فإن التغطية الأميركية تتحدث عن أولوية اقتصادية وتجارة على حساب حقوق الإنسان، وهو ما يبرز التناقض بين الصورة المرسومة على الساحة الدولية والواقع على الأرض.
وفي سياق ذلك، يروج الإعلام السعودي لفكرة أن زيارة بن سلمان أظهرته كوسيط محتمل بين واشنطن وطهران، مما يعكس محاولة لتسويق دور المملكة كلاعب إقليمي مؤثر، يساهم في حل النزاعات، بينما الواقع يقول إن سجل المملكة الداخلي المليء بالمخالفات يظل عائقاً حقيقياً أمام تلك الصورة.
على الرغم من الأضواء التي توضع على مشاريع ضخمة، مثل مصانع المعادن النادرة أو التعاون في الطاقة النووية، فإن هذه الإنجازات تظل بمثابة قشرة خارجية تغطي على سجل داخلي مليء بالمخاطر والممارسات القمعية، التي تزداد وتيرتها بدعم من انعدام المساءلة.
إن الخطوة التي تقوم بها السعودية من خلال تصدير صورة زاهية لولي العهد، لا تذهب إلا إلى تعزيز موقعه الإقليمي والدولي، عبر إخفاء خلفياته الحقوقية والسياسية المظلمة، في تقاطع واضح بين الدعاية السياسية والحقيقة المريرة التي يعيشها المجتمع السعودي.
وفي النهاية، فإن ما تسعى إليه السعودية من خلال هذه الزيارة هو بالتأكيد تلميع لصورة ولي العهد، رغم أن الواقع الداخلي يفضح استمرار انتهاكاته وترسيخ القمع. ولذا، فإن الرأي العام الدولي، خاصة من حقوقيين والمراقبين، يظل متشككاً حيال النوايا الحقيقية وراء هذا الجهد الدعائي، الذي يخفي وراءه الكثير من التناقضات والأزمات التي لا زالت مفتوحة.
أضيف بتاريخ :2025/11/25










