#تقرير_خاص: القيود الإعلامية في السعودية: تآكل الحيز الحر للآراء في ظل تضييق رقابي متصاعد
علي الزنادي
تشن السلطات السعودية حملة متشددة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعلنت هيئة الإعلام عن فرض غرامات مالية على تسعة مواطنين وإغلاق حساباتهم على منصات التواصل، وهو ما يثير تساؤلات عن مدى شفافية وموضوعية معايير الرقابة المعتمدة. فبينما تشير البيانات الرسمية إلى أن الإجراءات جاءت تنفيذاً لمخالفات معينة، لم يتم الإفصاح عن نوع المحتوى الذي اعتُبر مخالفاً، الأمر الذي يعمق حالة الغموض ويثير الشكوك حول مدى نزاهة وشفافية هذه العمليات الرقابية.
هذه الخطوة تأتي في سياق استراتيجي لتكثيف السيطرة على النقاش العام في الفضاء الرقمي، حيث يُوظف النظام الإعلامي لتقليص مساحة التعبير، خاصةً للناقدين والصحافيين ومدوني الرأي. ويتضح أن السلطات تتبع سياسات تكميم للأصوات التي تلامس قضايا حساسة، بهدف تطويع التعبير الإنساني وفق مصلحة السلطة، على حساب حق الأفراد في مشاركة آرائهم بحرية.
وفي موازاة ذلك، سُجلت وقائع متعددة لإجراءات قمعية، حيث تم استدعاء واحتجاز أشخاص عبر تعليقاتهم التي تنتقد أداء مؤسسات أو شركات سعودية، الأمر الذي يعكس توسيع دائرة التجريم، وتحويل النقد المشروع إلى جرم يُعاقب عليه. هذه السياسات تقوض مفهوم الدولة الحديثة التي يفترض أن تضمن حق المواطنين في التعبير حرية، وتدفع نحو فرض قيود قد تؤدي إلى تكريس ثقافة الخوف وتقويض مناخ الثقة والحوار.
من المفارقات أن الانتهاكات تتكرر على رغم الخطابات الرسمية التي تتحدث عن تحديث وتطوير منظومة حقوق الإنسان والإعلام، فيما يبقى الواقع مناقضاً لهذه المبادئ. فإغلاق الحسابات وتغريم الناشطين وتقييد المحتوى يعزز من صورة نظام يتجه نحو قمع الحريات بدلاً من تشجيع التنوع والتعددية في الرأي، وهو ما يهدد استقرار المجتمع وتحولاته المستقبلية.
الأدهى من ذلك أن غياب معايير واضحة وشفافة، يفاقم الأمر ويجعل من عملية الرقابة انتقائية، تنحاز أحياناً إلى استخدام سلطوي ضد الأصوات المعارضة أو الناقدة، مما يؤدي إلى تآكل الثقة بين المواطن والدولة. فحرية التعبير تعتبر حجر الزاوية لأي نظام سياسي حديث، واستمرار تقييدها يساهم في فقدان شرعية السلطة ويعرقل التنمية الاجتماعية والسياسية.
وفي الختام، يبقى السؤال مفتوحاً حول مستقبل حرية الرأي في السعودية. هل ستستمر السلطات في نهج التضييق، أم ستدرك أن توسعة الحريات، مع الحفاظ على النظام، هو السبيل لضمان استقرار المجتمع وتنميته؟ في ظل تكرار الاعتقالات والرقابة، يبدو أن المشهد يمر بمرحلة حرجة تتطلب إعادة نظر جذرية في السياسات الإعلامية، لضمان توافقها مع مبادئ الحقوق والحريات، وبما يخدم مصالح الوطن والمواطن على حد سواء.
أضيف بتاريخ :2025/12/15










