التقارير

#تقرير_خاص: هل تنهار وعود الإصلاح تحت وطأة الفساد والإهمال في السعودية؟  

  عبدالله القصاب


لطالما كانت رؤية 2030 شعارًا يتوجّه لتحقيق التحول الاقتصادي والاجتماعي في المملكة، لكن الواقع يُظهر فجوة واضحة بين الخطاب المترف والواقع المرير الذي يعيشه المواطنون. أحدث مثال على ذلك هو فضيحة مشروع دار السمو الحكومي في حي الفلاح بجدة، الذي غرق بالكامل في أمطار جدة، مع تسرب المياه من أماكن الكهرباء، مما يهدد حياة السكان ويكشف عن عيوب إنشائية جسيمة.  
  
ما يشاهده الناس في مقاطع الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل يعكس سوء تنفيذ واضح، وتشققات وانهيارات جزئية في المباني، وهو أمر يتنافى تمامًا مع الادعاءات بأن هذه المشاريع تمت وفق أعلى معايير الجودة والكود السعودي. المشروع كلف المواطنين مبالغ طائلة، بعد حملات ترويجية زاعمة أنه يوفر مسكنًا آمنًا بمعايير عالمية، ليكتشفوا فيما بعد أن الواقع يخلو من ذلك تمامًا.  
  
هذه الفضيحة ليست مجرد خطأ فني، بل تكشف عن قصور في الرقابة وسوء إدارة، وربما عن فساد متجذر يُعطل تحقيق الأهداف المعلن عنها. فالسؤال هنا: هل كانت هذه الأخطاء نتيجة إهمال عابر، أم أن هناك حلقات من الفساد تساهم في تنفيذ مشاريع لا تلبي الحد الأدنى من معايير الجودة، لمصلحة أفراد أو جهات معينة؟  
  
السكان ووسائل التواصل عبّروا عن استيائهم وغضبهم، سواء عبر التهكم على الفساد بأنه “كيان آل سعود”، أو عبر تساؤلات عن تجاهل المسؤولين لمعاناتهم. فهل ستتحرك الجهات الحكومية وتبدأ بتحقيق جدي في هذه القضية، ومحاسبة المقصرين، تعويض المتضررين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث؟  
  
من الواضح أن هناك تصدعات عميقة في صورة المملكة أمام العالم، إذ أن ظهور مثل هذه المشاريع الفاشلة ينهك سمعة رؤية 2030، التي يروج لها باعتبارها إطارًا لإعادة هيكلة الاقتصاد وتحسين نوعية الحياة. إن استمرارية هذا الإهمال والفساد ستؤدي إلى تآكل الثقة الشعبية، وربما تفتح الباب لمزيد من الانتقادات والاحتجاجات.  
  
وفي الوقت الذي تتواصل فيه المطالب بالإصلاح ومحاسبة المقصرين، يبقى السؤال الأكبر: هل ستقوم الحكومة بخطوات جادة وشفافة لمعالجة هذه الفجوة بين الوعود والواقع، وإحداث تغييرات حقيقية تضمن حقوق المواطنين وسلامتهم؟ أم أن الصمت والتجاهل سيكونان الخيار السائد، مما يعمّق المأساة ويضر بمستقبل الوطن؟  
  
العمل من أجل إصلاح شامل ومراقبة صارمة للمشاريع وتفعيل دور الجهات الرقابية، هو السبيل الوحيدة لاستعادة الثقة، وليس فقط بالتصريحات الإعلامية، وإنما بالأفعال الملموسة. فالشعب لم يعد يقبل أن يتحول طموحه في حياة كريمة إلى مجرد حلم مُهدد بالفشل بسبب إهمال أو فساد.  
  
وفي الختام، فإن فضيحة جدة وفضائح أخرى قد تطرأ مستقبلاً، تتطلب من القيادة السعودية أن تتحمل مسؤولياتها، وتعيد تقييم مساراتها، وتضع على قائمة أولوياتها الشفافية والنزاهة، لضمان ألا تتكرر هذه المشاهد المأساوية، وتحقيق حلم بناء وطن قوي ومتقدم، يحقق تطلعات أبنائه ويصون حقوقهم.

أضيف بتاريخ :2025/12/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان