سفك الدماء ليس من الإسلام في شيء
الحادثةُ الداميةُ التي تعرَّض لها مسجدٌ وحُسينيَّةٌ في سيهات بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية مساء الجمعة (16 أكتوبر/ تشرين الأوَّل 2015)، وراح ضحيَّتها 5 أبرياء، للأسف لم تعُد حادثة غريبة، أو يتيمة، فقد تكرَّرت حوادث أخرى من النوع ذاته، سمعنا عنها جميعاً، وتناقلتها وسائل الإعلام العالميَّة كافَّة.
وبحسب المتحدّث الأمني لوزارة الداخلية السعودية، فإنَّه تَمَّ رصدُ شخص يحمل سلاحاً من نوع رشَّاش بمدينة سيهات في محافظة القطيف وشروعه بإطلاق النار عشوائيّاً، وأنَّه «نتج عن قيامه بإطلاق النار مقتل خمسة مواطنين من المارَّة بينهم امرأة وإصابة تسعة آخرين»... وتبادلت دوريَّة أمن في الموقع إطلاق النار مع الرجل «ما أدى إلى مقتله».
وقد نقلت الأشرطة المُصوَّرة عبر الهواتف النقَّالة، على مواقع التواصل الاجتماعي، جوانب ممَّا حدث، ويمكن سماع أصوات الرصاص وسط هلع الموجودين وهرولة في كُلّ الاتجاهات، فيما يسأل رجل طفلاً عن مكان تواجد أبيه محاولاً طمأنته.
لعلَّ أكثر ما يُقلقُ هو العمق الذي تتمتَّع به هذه الجماعات الإرهابيَّة التي تقوم بهذه الهجمات ضدَّ الأبرياء بين الحين والآخر، في حوادث تتشابه إلى حدّ كبير، سواء من جانب أسلوب الاعتداء، أو المكان والزمان، أو الناس المستهدفين في هذه الحوادث.
والسؤال المطروح: هو هل أصبح المجتمع يواجه جماعات إرهابيَّة مسلَّحة ومنظَّمة، أم أنَّه يواجه فكراً متشدّداً يتكاثر ويتزايد؟، ما هو السبيل إذا كنَّا نواجه فكراً على الأرض يستقطب الشباب، ويجعلهم يُفكّرون في أحدث الأساليب لقتل الناس الأبرياء، ويعتبرون قتلهم عبادة يستحقّون عليها الثواب الجزيل، وجنَّة عرضها السماوات والأرض؟ كيف يمكننا كمسلمين أن نبدأ بـ «بسم الله الرحمن الرحيم»، بكل ما تعني كلمتي الرحمن والرحيم من معانٍ إنسانيَّة عظيمة، ومن ثم نُبرّر قتل الآخرين - مهما يكن الاختلاف معهم - تحت شعار الدين؟
إنَّ القتل الذي ينتشر باسم الإسلام حاليًّا لا يمكن أنْ يحدث إلا إذا كانت تغذّيه ثقافة مشبَّعة بالكراهيَّة العميقة، التي تجعل العنف العشوائي والقتل الجماعي للأبرياء أمراً معتاداً لدى من يمارسه.
إنَّنا لا نشكُّ في أنَّ الاسلام بريء من سفك الدماء، ومن الفظائع المُروّعة التي ترتكب باسمه حاليّاً، لذلك يجب دراسة واقع جديد أصبحنا نعيشه يوميّاً، وإنَّ علينا أن نشخّص الحالة جيّداً، حتى نتمكَّن من علاجها، فلا علاج من دون تشخيص واضح.
الكاتب: د. منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية.
أضيف بتاريخ :2015/10/18