بوكيمون الوزير
هاني الفردان ..
أثارت لعبة بوكيمون غو «Pokémon Go» عاصفة في عالم الألعاب الرقمية منذ إطلاقها حديثاً؛ حيث تجمع لعبة الواقع المعزز بين الحياة الحقيقية مع الوحوش الرقمية الصغيرة، ويعايش اللاعب مطاردات صيد افتراضية على شاشة الهواتف الذكية. وعلى رغم أجواء المتعة والإثارة، التي توفرها اللعبة الجديدة، إلا أن الأمر لا يخلو من المخاطر.
وتقوم لعبة بوكيمون بربط الوحش الصغير اللطيف مع الهاتف الذكي والنظام العالمي لتحديد المواقع GPS والخرائط في مطاردة صيد افتراضية لهذا الوحش، مع توافر العناصر المستوحاة من ألعاب تمثيل الأدوار.
وتتمتع لعبة بوكيمون غو الجديدة بميزة خاصة، تتمثل في ضرورة أن يتحرك اللاعب في الواقع الافتراضي، كي يصل إلى الأماكن في اللعبة؛ حيث يصطاد كل لاعب البوكيمون في مدينته، ويتحوّل العالم الحقيقي حول اللاعب إلى عالم افتراضي على شاشة الهاتف الذكي. وبينما يغوص اللاعب في العالم الافتراضي بواسطة لعبة بوكيمون، يرى المارة والأشخاص الآخرين اللاعب مجرد مستخدم يحدق في شاشة هاتفه الذكي.
ويتعين على اللاعب الخروج إلى الأماكن المفتوحة والتجوّل على الطرقات، وتعرف هذه الأماكن الموجودة في المنطقة المحيطة باسم بوك ستوب، وذلك من أجل جمع المكافآت مثل بيض بوكيمون أو كرات بوكيمون. وقد تتضمن أماكن بوك ستوب الكثير من المزارات السياحية والمناطق المشهورة والحيوية وحتى المحظورة في بعض المناطق.
يبدو الأمر ضرباً من الجنون، بالإضافة إلى النظرات الغاضبة والأسئلة الغريبة من المارة والأشخاص المحيطين باللاعب بشأن ما يفعله على شاشة هاتفه الذكي، عندما تتحوّل مطاردة وحوش بوكيمون في بعض الأحيان إلى تصرفات سخيفة! إلا أنه قد تستغل هذه اللعبة لتحفيز المسئولين في أي بلد للإستفادة منها والإطلاع على مشاكل الناس، وما يعانون منه، فماذا مثلاً لو فرضت الحكومة على وزرائها ومسئوليها المعنيين بتقديم الخدمات للمواطنين، استخدام هذه اللعبة، والغوص في حياة الناس العامة؟
ربما سنجد الوزراء والمسئولين متواجدين في أماكن لا يُرون فيها، وقد نراهم في القرى والمناطق التي تعاني من شحّ في الخدمات.
ماذا لو استخدم وزير العمل اللعبة مثلاً؟ قد يتحرّك ويتواجد ملاحقاً «البوكيمون» مع مجموعة من العاطلين عن العمل والذين ينتظرون دورهم في التوظيف، ولا يجدون ما يشغلون وقتهم به سوى اللعب مثلاً.
قد يكون من حظ أهالي المناطق التي يكثرون من اعتصاماتهم أخيراً للمطالبة بالوحدات الإسكانية، تواجد وحش البوكيمون بالقرب منهم، فيضطر وزير الإسكان لملاحقته، ومن ثم التوقف أمام تلك الاعتصامات وسؤال المواطنين عن مشاكلهم ومطالبهم، دون الحاجة لتلقي توجيهات عليا مباشرة لمتابعة مناشدات المواطنين وحلّ مشاكلهم.
إن حركة وزير الأشغال وتنقله بين شوارع وأزقة مختلف مناطق البحرين، ستجعله أكثر درايةً وعلماً بأحوال تلك القرى والمناطق واحتياجاتها، وما تعانيه من تردي وسوء، وكم منها لايزال بحاجةٍ إلى تطوير وإدخال خدمة الصرف الصحي لها، وقد يكون «البوكيمون» سبباً لذلك، ويعبر الوزير عن تقارير مسئوليه، أو ما يقرأه فقط من شكاوى الناس في الصحف أو يسمعه عبر الإذاعة.
ماذا لو وجد «البوكيمون» في قسم الطوارى بمجمع السلمانية الطبي، وانتقلت وزيرة الصحة لذلك المرفق الحيوي، ووقفت على معاناة المرضى، ونقص الأسرة في المستشفى العام الوحيد الذي يعاني الكثير من القضايا.
دولٌ ضجّت، وتوعدت عندما انتشر صيت اللعبة، وحذّرت من تصوير المناطق الحساسة أو الحيوية وذات المحاذير الأمنية، ولكن سيكون جميلاً، لو انتقل «البوكيمون» لبعض السجون، حيث سيكون أصعب اختبار وعملية بحث في ظل حالة الاختناق والكثافة العالية للسجناء هناك.
عندما يطبق ذلك القرار، قد نجد وزير التربية والتعليم، مجبراً على زيارة عدد المدارس في مختلف المناطق والتي تعاني من سوء البنى التحتية، وسيكتشف المسئولون الموظفين «الفاضين» الذين لا يفعلون شيئاً سوى اللعب وتعطيل مصالح الناس وتأخيرها، أو أنهم وظفوا في وظائف لا فائدة منها ليكونوا جزءًا من بطالة مقنعة تضج بها الكثير من الجهات الرسمية.
قد ينشغل بعض المسئولين بلعبة «البوكيمون»، ويتوقفون عن «التسكع» في مواقع التواصل الإجتماعي بالتطفّل على الناس، ورمي كلماتهم «النابية» وممارسة هواياتهم التحريضية.
يقال إن لعبة «البوكيمون» تجبر اللاعب على الخروج إلى الأماكن المفتوحة والتجوّل في الطرقات، وتعرف هذه الأماكن الموجودة في المنطقة المحيطة، ولذلك ستكون اللعبة أكثر فائدةً للحكومة من الناس، فقد تدفعها للإنخراط في حياة العامة، وحلّ مشاكل الناس والإطلاع عليها، بدلاً من الجلوس في مكاتبهم المكيفة وإغلاق أبوابهم رغم كل التصريحات عن «الأبواب المفتوحة».
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/07/20