التطبيع مع الانحناء!
شريف قنديل ..
باتساق تام يمضي قطار التطبيع في كل الاتجاهات ناشرًا ومروّجًا في محطات عربية كثيرة شعاراته الجوفاء عن قيمة الانحناء!
في المحطة الأولى يستعين منظمو الرحلة - رحلة قطار التطبيع- بشيوخ مدعين يتحدثون عن جواز الانحناء، ثم بساسة مدعين يتناولون ضرورة الانحناء! ثم بخبراء ومحللين يشرحون حتمية الانحناء! وأخيرًا يجتمع أو يتجمع هؤلاء للحديث عن جمال وروعة الانحناء بلا سبب!
وبالتوازي تنطلق الصحف والقنوات في تحذير وترويع الملايين المهمومة والغارقة في الغفلة والأحلام المكلومة، من وجع ودمار يقترب وعن حجم الخسارة والكرب، وعن ضرورة التخلي عن شيء من الأرض والعرض!
شيئًا فشيئًا يبدأ الحديث في السر قبل أن يظهر في العلن عن دور مهم ومطلوب لإسرائيل حتى تنتهي مشكلة الإرهاب في سيناء وأزمة مياه النيل! ودور أكثر أهمية لإيران وللحرس الثوري في حسم معركة الموصل!
وذرًا للرماد في العيون لا مانع من الدفاع عن إسرائيل في مواجهة إيران أو الدفاع عن إيران في مواجهة إسرائيل بدعوى أن امتلاك إحداهما للقنبلة النووية هو في حد ذاته حماية للأمة العربية والإسلامية!
وباعتبار أننا في الزمن الألد.. ولابد مما ليس فيه منه بد.. وحتى لو كان الاقتراب منها أو منهما قيد، فلا بأس من قليل من الخيانة ولو من قبيل استعذاب المهانة!
والحق أن جيلي، والجيل الذي قبلي اعتاد عليهم! على ظهورهم في سنوات أو مراحل الأزمات.. اقتصادية كانت أو سياسية، داخلية كانت أو خارجية، وما أكثر الأزمات الاقتصادية والسياسية العربية، خاصة بعد أن اعتمدتا كل من واشنطن وموسكو مجرد أرقام في بنك المصالح الأمريكية الروسية!
أقول إننا اعتدنا على بروزهم في كل أزمة.. يسارعون بالترويج لضرورة الذل.. فيظهر هذا المحلل وذاك المؤرخ منكفئًا فوق نبش قديم ليقرأ لنا ماذا تقول النجوم.. عن العداوة التي لا ينبغي أن تدوم.. وعن الشعب المتحضر المسالم.. وعن الصلح واقتسام المغانم.. وبالمرة عن ضرورة التخلي عن بعض القيم، ولا مانع من أجزاء من الأرض وبعض المدن.. وعدد من التخوم!!
من حسن الحظ، بل من لطف القدر، أننا اعتدنا عليهم وحفظناهم عن ظهر قلب وهم يحذرون من الشيخوخة والندم بعد فوات الأوان! وضرورة التخاذل أمام الأقوياء حتى لا تكتمل النكبة، فلم يعد العدو عدوًا، ولم يعد بين الأخ والأخ أخوة!
في ضوء ذلك، لابد من العودة أو الدوران للخلف، والتحلي بروح التهاون! والتخلي عن كل فعل أو قول مقاوم!
ويا أيها المطبعون مع الذل! الطفل العربي في حلب أو في البصرة أو في الخرطوم أو في سيناء أو في صنعاء أو في تل الزعتر، لن يمنحه سلاح الغدر الصهيوني يومًا.. طول العمر!
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/08/02