أوباما والسجناء
قاسم حسين ..
احتل خبر إصدار الرئيس الأميركي باراك أوباما أمراً رئاسياً بالعفو عن السجناء، المرتبة الثالثة بين الأخبار الأكثر قراءةً أمس على موقع الـ «بي بي سي».
الولايات المتحدة تتكوّن من 50 ولاية، ويزيد تعدادها على 320 مليون نسمة، وقد شمل العفو الرئاسي 214 سجيناً، 67 منهم محكومون بالسجن مدى الحياة. وسيتم إطلاق سراحهم في بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل. وبذلك سيكون مجموع عدد المفرج عنهم بعفو رئاسي خلال فترتي ولايته 562 شخصاً، وهو ما يفوق عدد المشمولين بقرارات العفو الرئاسي التي أصدرها آخر 9 رؤساء قبله.
الخبر يقول أيضاً، إن أغلب المشمولين بالقرار من المدانين بجرائم غير عنيفة جسدياً، ومنهم من أُدين بتجارة أو تعاطي المخدرات كالكوكايين والميثامفيتامين، وبعضهم أدين بسبب حيازة أسلحةٍ من دون ترخيص أثناء عمليات توزيع المخدرات. وأصدر البيت الأبيض بياناً قال فيه إن القرار يوضح «إيمان الرئيس بأن الولايات المتحدة هي بلد الفرصة الثانية».
يختلف الكثيرون حول سياسة أوباما، وسيُذكر عهده بأنه الفترة التي شهدت تراجع القوة الأميركية على مستوى العالم، ولم يكن ذلك غريباً، فالرجل انتخبه الأميركيون لإخراجهم من مأزق الحروب التي افتعلها سلفه جورج بوش. ولن ننسى له نحن في الشرق الأوسط، دور إدارته السلبي في بروز تنظيم «داعش» الدموي، وتسليطه على شعوب ودول المنطقة لتفتيتها وتمزيقها، استكمالاً لسياسة «الفوضى الخلاقة» التي وضعتها كونداليزا رايس.
الخبر يقول أيضاً، إن المختصين يرون أن قرار الإفراج عن هذا الرقم الكبير من السجناء في التاريخ الأميركي، إنّما يعكس اقتناع أوباما بالتصريحات التي أطلقها خلال فترتي ولايته بأن البلاد «بحاجة لتخفيف حدة القوانين التي تعاقب بالسجن»، وربما كان يحاول بتسريع قرارات العفو، الضغط على الكونغرس لمناقشة قوانين عقوبات جديدة أقل وطأةً من القوانين الحالية.
أوباما محامٍ، درس القانون ودرسه في الجامعات الأميركية، والمحامي حين يكون ذا نزعة إنسانية، يكون أقرب لقيم التسامح وتخفيف القيود، فالسجن مؤسسةٌ عقابيةٌ تدمّر أرواح البشر، وتنتهك حقوقهم وتعرقل نموهم، حين تحد من تطلعاتهم وتقمع حرياتهم الطبيعية. وهو أسوأ عقابٍ اخترعه الإنسان لعقاب أخيه الإنسان، وخصوصاً حين يكون سجناً بسبب مواقف سياسية أو يرتبط بالحرية والتعبير عن الرأي.
في الصفحة الخاصة باليوم العالمي لنلسون مانديلا، على موقع الأمم المتحدة، تتصدر الفقرة التالية: «يُقال إن المرء لا يعرف أمةً من الأمم إلا إذا دخل سجونها. فالحكم على الأمم لا ينبغي أن يرتكز على معاملتها لمواطنيها، ولكن على معاملتها لمن في المستويات الدنيا». وعادةً ما يُفرض على السجناء، وخصوصاً السياسيين وأصحاب الرأي، أن يعيشوا حتى دون هذه المستويات الدنيا.
قرار إطلاق سراح 214 سجيناً، سيُسجّل نقطةً مضيئةً في تاريخ أوباما الملتبس، حيث اعتبره المراقبون أضخم عفو رئاسي منفرد في آخر 100 عام في الولايات المتحدة.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/08/05