عن التناقضات المخجلة لعاصفة السعودية.. ونوعية الشرعية التي تُريدها في اليمن
عبدالكريم المدي ..
في الوقت الذي تستمتع فيه وتزهو شعوب العالم بالشرعية المحلية والدولية ،تجد اليمنيين يُقتلون وينتحرون بفضل الشرعية التي تُفصّل لهم وتُحدُّ شفراتها بعناية في نيويورك والرياض وغيرها .
يبدو إن الشرعية التي تهتف باسم اليمنيين غير كل الشرعيات في العالم أجمع ،ونكاد نجزم أنه لو جلس الذين يهتفون بها مع أنفسهم في لحظات مكاشفة ومساءلة ذاتية،ولم تُجر لهم إعادة فرمتة وضبط المصنع وتأتيهم الاتصالات والرُّسل بشكل مستمر من مكاتب الاستخبارات ومكتب سمو (ولي ولي الولي ) لفرّوا من هذه الشرعية وكوارثها إلى القطب المتجمد الجنوبي، هذا إذا كان لهم بقية من رحمة وهُدى تجعلهم يحسّون معها بمعاناة شعبهم وبفداحة ما سببوه ويسببونه له من كوارث ومآسي.
بالله عليكم ..ما نوعية الشرعية التي تُريدها السعودية في اليمن وما الذي بقي أمامها من مقدرات وأشكال حضارة ومقومات حياة لم تدمّره ؟
وما هو الجديد في بنوك الأهداف التي يقصفونها بمعدل يومي ،والجميع يعلم أن كل الأهداف العسكرية والأمنية والمدنية والعامة والخاصة والموانىء والمطارات والطرقات ومحطات الوقود، وحتى مراكز المكفوفين والمستشفيات بمن فيها التي تمولها وتُديرها منظمات دولية قد ضُرب بعضها عشرات المرات، ضف إلى ذلك البنوك والمصارف الحقيقية التي لم تصلها بعد أيادي التحرير ( الأمينة )والجماعات الإرهابية ،إما وقصفوها،أو حاربوها إقتصاديا ومنعوا التحويل منها وإليها؟
لسنا متعصبين مع طرف ضد طرف،لكنه الواقع الذي يحتم علينا أن نتكلم ونثير تساؤلات من قبيل : ما الذي تركوه لهذه الشرعية من فضيلة تُحسب لها وتجعل الناس يهتفون باسمها وبحياة (المليك ) و(الريس ) ما الذي قدمته وتُقدمه للمجتمع كي يقتنع بها الناس ويحملون لها جميلا يمنعهم من الخروج والتدفق إلى الميادين والساحات العامة في المحافظات، إلى ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء يوم السبت 20 أغسطس تأييدا لتحالف (صالح – الحوثي ) وبحثاً عن أي شكل من أشكال السلطة وحماية لما تبقّي لهم من كيان ومؤسسات دولة وأمن في المناطق التي لم تتمكن الشرعية وتحالفنا العربي الميمون من تحريرها وتسليمها للمجهول ولمن أراد أن يتدرب على مهارات السحلوالنهب والقتل والبشاعة ؟
افهموا هذه الحقيقة المجردة التي تقول: إن اسم الشرعية في اليمن اقترن بأبشع الجرائم الإنسانية بحق المدنيين والنساء والأطفال، اقترن بالجحيم وبأصوات الطائرات في السماء والانفجارات على الأرض ، وبأزمات الوقود والبطالة والحرمان والإهانة والإذلال لكل يمني ويمنية في مطارات بيشه وعمان والقاهرة وغيرها ..
واقترن اسم الشرعية والتحالف العربي في اليمن – ياأشقاءنا العرب – بتقطيع أوصالنا وتيتيم أطفالنا وترميل نساءنا ووضع الحواجز النفسية والخرسانية والأيديولوجية والمناطقية ومعها البراميل الفاصلة بين كل حي وحي ومدينة ومدينة وشارع وشارع، واقترنت (شرعية الرياض) – يا عرب – بالوحشية والبكاء وفقدان الأحبة والخطف والذبح والتهجير القسري للناس وإنتهاك حقوقهم ومصادرة أموالهم بناء على الشكل واللهجة وبطائق الهوية والزي الذي يلبسونه..
لهذا منكم من يُدلّنا على طريقة سحرية تُساعد المواطنين في صنعاء وعدن وتعز وصعدة وحجة والمحويت ونهم وعمران ولحج وأبين وووالخ على تقبل شيء اسمه الشرعية التي يُريدها النظام السعودي وليس الإنسان اليمني؟
من يستطيع منكم إقناع الناس هنا بأن السلطات السعودية تكن لليمن حبا وأن دفاعها عمى تُسميه بـ ( الشرعية ) دفاعا شريفا…
اليمنيون لا يستطيعون أن يروا هذه الشرعية إلا من خلال جنائز لا تنقطع لآلاف الشهداء وأنّات لآلاف الجرحى ، وبالتالي كيف لهم أن يهضموا هذه المفردة / العاصفة( اللعينة ) التي تحوّل أملها إلى يأس وجيشها الوطني إلى أجنبي ،والقرارات الدولية المتعلقة بها إلى قاتلة دولية وجحيم لا يُطاق..
فهمونا رجاء ، ما لون وطعم هذه الشرعية التي تريدها لنا الجامعة العربية والأمم المتحدة ومجلس التعاون والشرق والغرب ، وكيف يمكن أن ترتبط أي مصلحة وطنية أو شرعية سلطة ما بغزو وعدوان أجنبي يقتل الإنسان ويمزيق الأوطان ويحاصر الشعوب ويجوع البشر ؟
ونُريدُ أن نعرف – أيضا – ما علاقة الشرعية بقصف المدارس والمستشفيات والجامعات والمعاهد الفنية والأسواق وصالات الأفراح والمدن والقرى والجسور وشبكات الطرقات والمصانع؟ لقد أصابنا التعب ، حقيقة، ونحن نفكر في حل لهذه المعادلة المحيرة وغيرها من المعادلات، وأهمها البحث عن العلاقة المنطقية بين السعودية خاصة، والخليج عامة ،بالديمقراطية والانتخابات ..! فهل حديثهم عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والدساتير والشرعيات ، الذي نزل عليهم في ليلة وضحاها، ناتج مثلا عن خشيتهم من أن تنتقل عدوى الملكية والدكتاتورية والقمع من اليمن إليهم أم ماذا ؟
ثم أين هم مفكرو العالم وفلاسفته بمن فيهم السحرة وأساتذة الخدع البصرية وألعاب السرك والخبراء العسكريين ،نريدهم أن يساعدونا على تقبُّل فكرة السعودية المبنية على أن اليمن مُعتدي والسعودية والخليج مُعتدى عليهم ،وأن ضحايا سوق مستبأ ومستشفى عبس وأطفال مدرسة حيدان وسكان مدينة العمال في المخا وصالات الأفراح وووالخ ،هم الجناة والمجرمون،فيما أصحاب (العاصفة )وطياريّ الـ F16هم الضحايا ..
نعترف لقد أشكل علينا كثيرا فهم واستيعاب هذه النوع من التناقضات المخجلة و المعادلات السياسية والحقوقية والإنسانية التي يتحركون وفقها في اليمن ، و التي تجعل من القاتل ضحية وحملا وديعا ومن الضحية قاتلا وذئبا لا يرحم ؟
كاتب يمني
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2016/08/20