آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي سعد الموسى
عن الكاتب :
- دكتوراه في الأسلوبية والنقد الاجتماعي للغة من جامعة أسكس. - بكالوريوس في الآداب من جامعة الملك سعود بأبها. - ماجستير في اللغويات النظرية من جامعة كلورادو.

التنمية: ترتيب الأولويات


علي سعد الموسى ..

 لا بد لنا اليوم أن نعترف بأن الظروف السياسية، وأيضا الاقتصادية، من حولنا قد ألقت بظلالها السالبة على قطف ثمار مئات المشاريع التنموية المختلفة. ومن سوء الطالع أن تحالف هذه الظروف وصل إلينا ونحن نستعد لإنهاء الأمتار الأخيرة من ماراثون المنجز التنموي. وفي كثير من المشاريع الجوهرية الكبرى بالكاد لم يتبق سوى علب المفاتيح وأزرار الإنارة، وهنا أتحدث رمزيا عن مباني الجامعات والمدن الاقتصادية والطبية والمطارات وكل ما على شاكلة هذه المشاريع الحيوية التي وصلت، وبالتشبيه، إلى مرحلة "التعليب" كمنتج يصل إلى حياة المواطن، ثم توقفت في لحظة نهائية حرجة.

ومن المؤكد أننا أصبحنا مع مثل هذه الحالة والظرف في حاجة ماسة إلى تدخل جذري لترتيب الأوليات والأولويات لنوعية المشاريع التي تحتاج إلى أن تكتمل، ولو على حساب غيرها من المشاريع ذات الأهمية الثانوية في كل منطقة على حدة. نحتاج إلى ما يشبه "غرفة الفرز" في طوارئ مستشفى محدد الإمكانات، حيث لا مساواة بين مريض الذبحة الصدرية ومريض الزكام. سندخل هنا إلى الأمثلة للمقاربة: ستصرف الدولة، مشكورة، ما لا يقل عن عشرة مليارات معتمدة في مشاريع مختلفة، وفي منطقتي "عسير" تتبع لما لا يقل عن درزن من الإدارات الحكومية، لكن الحاجة الملحة الأساسية الجوهرية الحيوية الكبرى تقول إننا سنقبل بنصف هذا الرقم فقط، إذا توجه فوراً ونقداً إلى أهم مشروعين جامدين متعثرين تنتظرهما حياة كل أسرة في هذه المنطقة: الجامعة والمدينة الطبية. تستطيع منطقة عسير وسكانها أن تصبر مثلا على إمكانات مطارها الحالي إذا ما تم توجيه الصرف المالي إلى المدينة الطبية لمنطقة تعيش بالتشبيه في غرف الطوارئ للنقص الحاد المزمن في الخدمات الصحية. نستطيع هنا أن نتحمل الانتظار أمام الإشارات والشوارع الطويلة كي تذهب أموال هذه المشاريع إلى إنقاذ المدينة الجامعية التي تحتضر منذ سنوات في انتظار أقل بكثير من مليار ريال لتفتح أبوابها أمام سبعين ألف طالب وطالبة. هذا المبلغ وحده كاف أيضاً لإنقاذ ما لا يقل عن اثني عشر مليار ريال صرفت من قبل على مشروع المدينة الجامعية التي توقفت تماماً في مرحلة المفتاح واللّمبة. والخلاصة أننا بهذه الطريقة في الصرف المالي "المتناثر" على أي شيء وكل شيء نحرم الوطن والمواطن من الاحتفال الحقيقي بقطف ثمار مشاريعنا الوطنية العملاقة. أمراء المناطق الكرام هم الأكثر قدرة على تحديد الأهم والأولى من مشاريع مناطقهم، وهم من يعيش هذه المعاناة الدائمة في الحاجات والأولويات، ولو طلب من كل أمير منطقة تحديد أهم مشروعين لأخذونا معهم إلى إنجازات حقيقية وملموسة، وأيضا إلى فرحة وطن ومواطن مكتملة، وعلى مسؤوليتي بأقل من نصف المعتمد من المال العام على ما لا يثمر وإن أثمر لا يبهج. جازان لها أولوية المدينة الاقتصادية، وجدة تحلم بالمطار، والرياض تنتظر وصول صاحبة السعادة، أول عربة للمترو، وقس على هذا القياس مشروعك الأول الذي تحلم به في أي منطقة بها تعيش. ترتيب الأولويات في مثل هذه الظروف سيجعلنا نحمل "مقص" التدشين، في حفلات افتتاح عملاقة نحتاجها الآن بشوق ولهفة.

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2016/08/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد