أما آن الأوان أن تسكتوهم وتحاكموهم أيضاً!
هاني الفردان ..
إلى من يهمه الأمر، أكتب لكم مقالي هذا، بعد مسلسل متواصل لم يتوقف منذ سنوات من قبل البعض، سواء كانوا خطباء أو سياسيين أو مغردين أو غيرهم، لا يتوقفون عن الإساءة لمذهبي والتعدي على معتقدي، والطعن في شرف أهلي وناسي.
ولوجه الله أوجه خطابي هذا لكل مسئول في الدولة، وزير، أو نائب عام معنيّ بحفظ الحق العام، في ظل هذا التهجم السافر على مكون مهم من مكونات المجتمع، والذي وصف بأنه خارج الإسلام في إشارة واضحة لتكفيره، أو خطيب يلقي خطبة على منبر في جامع بحريني يعتبرني وأهلي «لسنا إخوة» للمكون الثاني في هذه البلاد، وأساء واستهزأ بمذهبي وعقيدتي.
قبل أسبوعين تقريباً، انتشر مقطع مصور لخطيب جمعة قيل أنه في جامع مدينة عيسى، تحدث علانية وأساء وتعدى على مذهبي ومذهب الكثيرين في هذا البلد، بل اعتبرنا لسنا أخوة للمكون الآخر على هذه الأرض، وذهب لأكثر من ذلك بادعائه أننا نتبنى قتلهم، داعياً الدولة لتجفيف منابعنا وغلق مآتمنا وحسينياتنا.
خطاب مليء بالكراهية، والحقد، والتحريض على مكون أساسي في هذا المجتمع، خطاب لم يتوقف منذ سنوات، يعود بين حين وآخر، خطاب يحمل في طياته كل أنواع الكراهية.
سأعيد وأذكر بتصريح رسمي صدر في (11 يونيو/ حزيران 2012) بشأن القبض على شاب قذف إحدى زوجات النبي (ص) عبر «تويتر»، وحكم عليه بالحبس لمدة عامين.
في ذلك التصريح وصف المتهم بأنه «من منحرفي الفكر وفاسدي العقيدة، قام بدخول أحد المواقع الإلكترونية، وتدوينه عبارات بلغت حدّاً من القذارة الخُلقية والانحطاط يعف اللسان عن ذكرها، تتناول القذف في أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وتنال من مكانتها وقدرها المُشرفين. وفور العلم بالواقعة فقد صدرت الأوامر بسرعة ببذل كافة الجهود الممكنة وتكثيف أعمال البحث والتحري لسرعة الوصول للمتهم الحقيقي كاتب تلك العبارات، وقد أسفرت جهود البحث عن التوصل إليه، حيث تبين أنه شاب في التاسعة عشرة من عمره».
نحن من دعاة الالتزام بالأخلاق الإسلامية الفاضلة، ولم نخلق لنكون سبّابين أو شتّامين، ولذلك ندين الاعتداء على أي من زوجات النبي أو الصحابة، فإذا كان شاب مراهق كتب على مواقع التواصل الاجتماعي، استوجب التحرك السريع والعاجل للبحث والقبض عليه؛ خوفاً على الأمة من الفتنة... فأينكم ممن يقذفون ويكفرون نصف أبناء هذا الوطن وأكثر، ويفسقونهم في كل مكان، ويخرجونهم من الملة، بل ويدعونهم لدخول الإسلام، ولا يعتبرونهم إخوانا في هذا البلد، أفلا يعد ذلك أيضاً تهديداً للسلم الأهلي وشقاً لصف المجتمع؟!
إلى كل مسئول رفع لواء المصالحة، وحفظ نسيج المجتمع وعدم الإساءة للمكون الآخر، والدعوة لإثارة الفتن الطائفية، ما هو إجراؤكم فيما يقال؟ ألم يصل لكم؟ وإن لم يصل لكم فهذه دعوة عامة تقدم لكم لتحريكها قضائياً، والحفاظ على النسيج الاجتماعي، وخوفاً من الفتنة أيضاً.
ألا تعتبرون تلك الخطبة «بلغت حدّاً من القذارة الخُلقية والانحطاط يعف اللسان عن ذكرها»، أم أن للميزان كفتين غير متساويتين، ولعيون العدل زوايا مختلفة؟
ألم تسمعوا تلك الخطبة أو تقرأوا تلك التغريدات، التي تضرب بالنسيج الاجتماعي عرض الحائط، وتقذف وتشتم وتخوّن طائفة كبرى في هذا الوطن.
أجهزتكم سريعة في الكشف عمن يستخدمون المواقع الالكترونية، فهل وصل لمسامعكم قيام خطيب بالمس بشريحة كبرى في هذا البلد، تشكو من التمييز حتى في الحساب والكتاب، فتحاكم من ينتمي لها بسبب أحاديث وتغريدات بسبب مواقف لهم، فيما يترك من يتعدى عليهم ويكفرهم من دون حسيب أو رقيب؟
ألا تستوجب الخطبة والتغريدات تحركاً من قبل أجهزتكم للكشف عن حقيقة تلك الخطبة التي تعبث في البلاد وتنتهك الحرمات، وتعتدي على طائفة كبرى من الناس بلا مسوغ قانوني أو أخلاقي، ألا يستحق محاكمة علنية كما يحدث لغيره من الطرف الآخر؟
بعد 7 أيام من انتشار ذلك المقطع المصور في (10 أغسطس/ آب 2016)، أعلنت الأوقاف عن إيقاف خطيب جامع مدينة عيسى، بعد استدعائه لإبلاغه بالتوقيف عن الخطابة، والتوقيع على تعهد بالالتزام بآداب الخطاب الديني، وفق القرار الوزاري الصادر بذلك رقم (23) لسنة 2009.
ما حدث ليس خطابا وأدباً، بل هي جريمة كاملة الأركان، تستوجب تحركا ومقاضاة ومحاسبة صريحة وواضحة باسم «الحق العام»، كما يحدث للآخرين من خطباء ومغردين.
كانت هناك مطالبات «بإيقاع أقصى عقوبة ممكنة على شاب غرد وسب، وعلى ناشط حقوقي غرد واتهم بالسب، ولقيا ذلك، ليكون رادعاً كما يقال لهما ولغيرهما ممن قد تُسول له نفسه الإتيان بمثل تلك الأفعال. ولمجابهة تلك التصرفات المنحرفة التي من شأنها المساهمة في إثارة فتنة لا طائل من ورائها، وتكدير صفو المملكة التي تنعم بالتجانس والمودة بين كافة سكانها وأطيافها، والذين تجمعهم وشائج دم ونسب وقرابة هي أكبر من أن ينال من لُحمتها الموتورون والمهووسون».
لماذا لا نجد تحركاً مماثلاً، يحفظ حق جزء كبير من المجتمع ويصون حقوقه من المساس والإهانة؟ ألا تعتقدون بأن تغريدات وخطباً، هي الأخرى تهدف لخلق الفتنة بين مكونات هذا المجتمع، وهو ما يعِدُ بخلق أزمة طائفية في البلد لا تحمد عقباها، ويضرب القيم التي تحدثتم عنها، بل يهدف لتعكير ما جاء في تصريحات رسمية من «صفو المملكة التي تنعم بالتجانس والمودة بين كافة سكانها وأطيافها والذين تجمعهم وشائج دم ونسب وقرابة»، مع ملاحظة أن ذلك الخطيب لكنته ولهجته ليست بحرينية!
ألا تعتقد أيضاً بأن ذلك الحديث العلني يأتي في خانة من تصفهم الأجهزة الرسمية بـ «الموتورين والمهووسين» الذين يهدفون للنيل من اللحمة الوطنية وتماسكها، من خلال تكفير فئة كبرى في المجتمع ووصفهم بأبشع الأوصاف، واللعب الدائم على هذا الوتر لضرب تلك اللحمة.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/08/29