المنفعة طريق مزدوج
عبدالمحسن هلال ..
تختتم اليوم قمة مجموعة العشرين المنعقدة بالصين، وهي مجموعة بدأت اجتماعاتها على مستوى رؤساء الدول بعد الأزمة المالية العالمية 2008، قبله كانت تعقد على مستوى وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية لمتابعة وإصلاح السياسات المالية والنمو والتجارة العالمية.
وبرغم عقد أكثر من عشر قمم على مدار السنوات الماضية لم يلمس العالم نتائج كبيرة لهذه الاجتماعات المتتالية، وربما هذا ما أحسه أكبر أعضاء المجموعة، الصين وأمريكا، قبيل انعقاد القمة، فبادرا للتوقيع على اتفاقية باريس للمناخ، وهما أكبر ملوث له، لإعطاء القمة مزيدا من الأهمية.
الهدف الأساس للمجموعة كان معالجة ذيول الأزمة المالية ثم تطور لتعزيز الاقتصاد العالمي، بمعنى تحرير التجارة الدولية حتى انتهى لمفهوم العولمة فأصبحت هي قضيتها الأساس، وصار هدفها محاربة الحماية الإجرائية لأية دولة تشجيعا أو حماية لمنتوجاتها الوطنية التجارية والثقافية بالمقام الأول.
جرفت العولمة في طريقها نظم حياة وهويات وثقافة شعوب، صيرت العالم قرية صغيرة تذهب خيراتها للقرية الأكبر، أصحاب أكبر العوائد من التجارة العالمية، الصين حاليا تنافسها أمريكا واليابان وأوربا مجتمعة، وهذه الصيرورة جعلت بقية العالم يدفع الحساب.
في سبعينات القرن الماضي، وحسب بارنيت ومولر في كتابهما«الممتعGlobal Reach» كانت أكبر مئة شركة عالمية تتحكم في حياة ملايين البشر، ماذا يأكلون ويشربون ويلبسون ويتعلمون ويعملون، أتوقع أن النسب تضاعفت اليوم بتضاعف رعاية الدول لشركاتها الوطنية متعدية الجنسيات وليس متعددة الجنسيات.
القضية ليست هنا، قد تستطيع المجموعة التحكم في رتم العولمة، قد تكبح جماح شركاتها، كترجمة حرفية لتوحش الرأسمالية، يمكنها حماية المناخ بأن يضغط ملوثوه على أنفسهم بتخفيض درجة التلوث (اتفاق الصين وأمريكا الأخير كان لتخفيضه درجتين مئويتين وهما تلوثانه بنسبة 40%، واعتبر اتفاقهما حدثا) القضية عندما يتعلق الأمر بالغذاء، كتاب «صناعة الجوع» لكولينز ومورلاييه قالها قبل ثلث قرن، الغذاء أصبح سلاحا سياسيا يستخدم ببراعة وبلا ضمير، لإخضاع الدول الفقيرة، وهذا ما فاقمت العولمة من تأثيره طوال السنين الماضية، وما سيحاول مؤتمر الصين التخفيف من غلوائه مع أن عناوينه تراوحت بين الابتكار وريادة الأعمال والاستدامة والتجارة الدولية، وهي مواضيع أكثر من عامة.
أما القضية الأهم فهي محاولة فرض تمويل مشاريع المجموعة على أعضائها الأغنياء ماديا وامتناع الأعضاء الأغنياء تقنيا من التبادل المنفعي، كنا نسميه قديما نقل التقنية أو الاستحواذ عليها، إلا أنه مع مر السنين تبدى استحالة ذلك، لا أحد يعطيك سر صنعته، يعطيك الحق في شرائها وحسب، كذلك ينبغي أن يكون حال التمويل، المعاملة بالمثل، لتطبيق المثل المعروف في الصين «لا تعطني سمكة ولكن علمني الصيد»
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/09/05