السخرية من حقوق الإنسان والحيوان
منصور الجمري ..
أحد الأشخاص علق على بعض ما كتبته في الأيام الماضية بأن الحديث عن حقوق الحيوان ربما يكون أسهل من الحديث عن حقوق الإنسان. ولكن هذا التعليق التهكمي يشغل بال المهتمين بالحقوق بصورة جادة. فالحديث عن حقوق الإنسان - بالفهم الحالي - بحد ذاته يعتبر جديداً عندما ننظر إلى التاريخ.
فحتى القرن الثامن عشر كان هناك من يطرح بأن أنواعاً من البشر لا يستحقون حقوقاً، وحتى أنه كان هناك من يعتقد بأن ذوي البشرة السوداء يتحملون الألم أكثر من الأشخاص الآخرين، وكان هذا يعتبر مدخلاً لتبرير استعباد السود. كما أن هناك في الهند (قبل كتابة دستورها الحديث بعد الحرب العالمية الثانية) من كان يعتقد بأن فئة من البشر يولدون من الفئة المسحوقة وأن من حق الآخرين استخدامهم بما يشبه الاستعباد.
الفكر الإنساني الذي انتشر في العالم أسس لمفهوم سواسية البشر بغض النظر عن لونهم وأصلهم ومعتقدهم وجنسهم، وبالتالي لا يجوز استعباد أي نوع من البشر، كما لا يجوز اضطهاد أي نوع من البشر، تحت أي عذر كان. وعلى هذا الأساس، أصبح الاستعباد محرَّماً دوليّاً، كما أصبح الظلم والاضطهاد والتمييز ممارسات ممقوتةً وغير مقبولة تحت أي عذر وأي تبرير كان.
وانطلاقاً من كل ذلك، فإن هناك من يرى أن الحيوان أيضاً له مشاعر، ولا يمكن إيذاؤه أو التعامل معه بصورة سيِّئة. كما أن هناك أنواعاً من الشمبانزي، مثلاً، ممن يتصرف بمستوى من العقل يقترب من طفل عمره أربع سنوات، وكما أنه لا يجوز إيذاء الأطفال، فإنه أيضاً لا يجوز إيذاء هذه الحيوانات. وعليه فقد وسع بعض الناشطين حراكهم للدفاع أيضاً عن حقوق الحيوان.
مثل هذا الحديث يعتبر نوعاً من السخرية في بلداننا التي تسعى فيها اتجاهات وتنظيمات مثل «داعش» لسبي النساء وقتل الرجال، بينما هناك من يُبرِّر اضطهاد آخرين بمجرد اختلافهم عنه في الأصل والفصل، أو الدين أو المذهب. وعليه، فإن من لا يحترم حقوق الإنسان ربما أنه لا لوم عليه إذا سخر من حقوق الحيوان.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/09/08