«داعش» وتعاون الأضداد
عبد المحسن يوسف جمال ..
«في السياسة ليست هناك عداوة دائمة، ولا صداقة دائمة، ولكن مصالح دائمة».
هذه المقولة السياسية، المنسوبة إلى رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل، بدأت تطبق اليوم بشكل واضح في سوريا.
فالولايات المتحدة وروسيا رغم كل تناقضاتهما ورغم صراعهما المتواصل إلا أنهما جعلتا من محاربة «داعش» والحركات التكفيرية الأخرى مدخلا للتقارب فيما بينهما ونسيان خلافاتهما ولو بشكل مؤقت.
وها هما تعملان جاهدتين للوصول إلى اتفاق يخدم مصلحتيهما أولا، ومصلحة أنصارهما ثانيا. وبالتالي أصبحت محاربة «داعش» وسيلة لتعاونهما.
كذلك بدأت تركيا بعد الانقلاب الفاشل تتحدث بخطاب سياسي جديد، يبدأ بالتعاون مع أعداء الأمس وأصدقاء اليوم في محاربة «داعش» والأكراد، اللذين أصبحا مدخلا للتعاون مع الروس كخطوة أولى ثم مع الحكومة السورية كخطوة ثانية، وهي أن تمت فستكون تغييرا كاملا وتطبيقا حرفيا لمقولة الرئيس تشرشل.
وأكثر من ذلك هو تعاون المتصارعين العدوين، فالجيش السوري والمعارضة المسلحة بدآ في التعاون معا لمحاربة داعش في تغيير «دراماتيكي» يوضح، بما لا يدع مجالا للشك، أن السياسة هي كما يقال عنها «فن الممكن»، وأنها تسير وفقا للمصالح!
بعد طول الصراع المسلح في سوريا ورغبة جميع الأطراف في إيقافه أصبح «داعش» هو المدخل لذلك والإجماع على محاربته هو الأساس للتعاون.
إذاً علينا إلا نستغرب إذا ما وجدنا في الأيام القادمة تشكيل حكومة وطنية تضم متصارعي اليوم، والعمل معا للتصدي لتنظيم داعش، وجعله وسيلة جيدة لنزع السلاح والتعاون «الوطني» لمحاربته، لأنه يشكل خطرا استراتيجيا على الجميع.
وستكون هذه الحكومة الوطنية أن تمت بمباركة من الدول الكبرى، تطبيقا آخر لتلك المقولة.
وبالتالي علينا كعرب أن نعي جيدا أنه لا عدو دائم ولا صديق دائم كما هو واقع السياسة الدولية اليوم.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2016/09/08