الإدارة بالبربرة!!
سالم بن أحمد سحاب ..
وكما يُقال فإنَّ هناك أنواعًا كثيرة من الإدارة، مثل الإدارة بالأهداف، والإدارة بالنتائج، والإدارة بالبركة، والإدارة بالعشوائيَّة، والإدارة بالحبِّ. لكن آخرها (وتوّها طازة) هي (الإدارة بالبربرة). والبربرةُ عمومًا أصنافٌ، منها ما يتعلَّق بالثقافات، إذ إنَّ هناك شعوبًا تمتاز بكثرة البربرة، والمقصود بها هنا (الثرثرة). وهناك ثقافات منزليَّة تسود أحيانًا، فيُتهم الأب مثلاً بحبِّ البربرة؛ ممَّا يزعج بقية أفراد الأسرة المبجَّلة، حتَّى يعتادوا عليها، وقد يفتقدونها إذا غابت عنهم البربرة.
أمَّا في محيط العمل، فإنَّ (البربرة) تكون أحيانًا مقبولة، عندما تصدر من زميل بحسن نيَّة، كأن يحاول شرح تفاصيل التفاصيل، حتَّى يسأم المستمع، مهما وُصف بأن باله طويل. وبعض المراجعين كذلك يحبُّ (البربرة) إذا لم تُقضَ حاجته، وعانى من المرمطة، وذلكم معذور، ومضمون بربرته مقبول.
بقي نوعان من البربرة في بيئة العمل غير المثمرة! بربرة يمارسها المرؤوس، والهدف منها غالبًا مصلحة العمل، كي يفهم الرئيس أنَّ هناك أنظمة يجب أن تُطبَّق، وقرارات عُليا يجب أن تُحترم، خاصَّة إذا كان الرئيس جزءًا من الجهة التي أصدرت ذلك النظام، أو القرار في عهد ما قبل (البربرة)!
وأمَّا (البربرة) العُليا المحمودة التي تصدرُ من الرئيس، فتلك الناتجة عن ملاحظته تقصيرًا في أداء المرؤوس، أو خطأ غير مقبول، عندها يتمُّ التصويب بشيء من البربرة، ويُقضى الأمر، ويُغلق الملف، وتنتهي المسألة.
أمَّا (البربرة) العُليا غير المحمودة، فتلك الصادرة عن ضيق وتبرم، وعن استعلاء وتكبّر، وعن شعور بالأنا متضخم، وعن انطباع بأنَّه الأعلى، الذي لا يُحاسب، فهو فوق النظام، وكلمته تعلو كل قرار. هذه الشخصيَّات تعاني من أدواء كثيرة ليس أوَّلها حب التسلط، وليس آخرها العلو والتكبّر، تشعر بأنَّ تراجعها عن كلمتها يعني إهانة لها، أو تردُّدًا، مع أنَّ الحقَّ أولى أن يُتَّبع، وأكبر من أن يُتجاوز!
وفي أزمنة مضت، كان بالإمكان إنكار ما كان، لكن في زمن الاتِّصالات اللحظيَّة، والأخبار الآنيَّة، يستحيل طلاء الحقيقة بغير لونها، كما يستحيل إعادة الرصاصة بعد انطلاقها.
ولو كنتُ شاعرًا لقلتُ على لسان صاحبنا:
ألاَ لاَ يبربرنَّ أحدٌ علَينَا
فنبربرُ فوقَ بربرةِ المبربرينَا
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/09/19