الصناعات الكيميائية
عيسى الحليان ..
ونحن في العقد الخامس من تأسيسها، لا نعرف إن كانت الأهداف والغايات الكبرى من وراء إقامة الهيئة الملكية للجبيل وينبع وشركة «سابك» وسلسلة الشركات التابعة وغيرها، قد تحققت أم لا؟ والسبب وراء صعوبة مثل هذا الاستنتاج أن الأهداف المكتوبة آنذاك كانت عامة وإنشائية، خلاف أن المعلومات والبيانات في هذا القطاع ظلت غير متاحة بما يكفي وتفتقد إلى مزيد من الشفافية وعمليات الإفصاح، وبالتالي بقي هذا السؤال مفتوحا ومن دون إجابة شافية بالنسبة لي على الأقل، فضلا عن إدراجه أو طرحه للنقاش الوطني العام. هل الهدف كان إقامة هذه الصناعات التي سميت بـ«الأساسية» في ذلك الوقت وكفى، وهل بقيت كذلك؟ أم أن الهدف كان يتعدى ذلك نحو تحقيق موارد إضافية للبلاد وخلق فرص العمل ونقل التقنية وتصنيع المادة الخام، وكم تحقق من هذه الأهداف (رقميا) قياسا بالأموال التي صرفت من الدولة منذ ذلك الحين وحتى اليوم سواء أكانت على الهيئة الملكية كميزانية عامة والتي كانت تصل أحيانا إلى 7 مليارات ريال أو على تكاليف الخدمات المدعومة أو أسعار اللقيم المتدنية والتي ظلت تباع بقيمة لا تصل إلى 5% من قيمتها السوقية العالمية في وقت من الأوقات!! فإذا كان الهدف هو تحقيق موارد إضافية عمومية مثلا فكم من هذه الموارد يفترض أن يكون قد تحقق بعد كل هذه العقود الطويلة من الدعم المباشر وغير المباشر وبناء المدن الصناعية، وبأي آلية يمكن احتسابها؟
من دون شك فإن إقامة الهيئة، وتأسيس شركة «سابك» كان أهم تحول نوعي في تاريخ الصناعة في هذه البلاد وفي تصنيع المادة الخام تحديدا، وكان قرارا تاريخيا لا يضاهى، لكن ينبغي أن يتبعه جرد حساب واضح لا يحتمل اللبس أو التركيز على الجزئيات والأرقام الانتقائية وذلك لكامل المرحلة، لمعرفة المكاسب التي تحققت والتكاليف التي ترتبت ومدى تحقيق نسبة منطقية من فرص العمل والصناعات التحويلية ومن المستفيد الأكبر من هذه الصناعات اليوم صندوق الدولة أم الشركات العاملة أم الشريك الأجنبي أم التاجر المحلي؟ صحيح أن الدولة تمتلك 70% من أسهم شركة «سابك» مثلا وتحصل على نفس النسبة من الأرباح، لكن هذا شيء وما قصدته من عملية المراجعة الكلية شيء آخر، خصوصا من قبل جهات محايدة. اليوم لا أحد يعرف ما هي العائدات الوطنية الإجمالية من وراء هذه الصناعات وبالأرقام، وكم تباع الطاقة والمواد الخام وكم نسبة الفاقد السعري، وعلى من تباع، وما هي القواعد المنظمة لذلك، ومن الذي يقوم بإقرارها، ولماذا لا تقدم تقارير ودراسات وطنية تعرض على مجلس الشورى وتطرح في المنتديات الاقتصادية -حيث تغيب هذه الصناعات عن الساحة- عن مدى تطور هذا القطاع، تكاليفه، دخله، أرباحه، صعوباته وآفاقه المستقبلية؟
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/09/27