من هو «إرهابي»؟... ومن يحق له «المناصحة»؟
هاني الفردان ..
«الإرهابي يظل طول عمره إرهابياً»، جملة مقتبسة من حديث مسئول في وزارة الداخلية خلال اعتراضه على مداخلة أحد النواب في جلسة مجلس النواب يوم الثلثاء (1 ديسمبر/ كانون الأول 2015) وبحسب ما نقلته الصحف المحلية، أثناء مناقشة مرسوم قانون بتعديل بعض أحكام قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، والذي يقضي بتشديد العقوبات الواردة في القانون، وسط اعتراض عدد من النواب على المرسوم، وتحفظ لجنة الشئون التشريعية والقانونية عليه لما يكتنفه من شبهة دستورية.
في ذلك الوقت، لم يكن معروفاً على ماذا استند المسئول بوزارة الداخلية في حديثه السابق، وتأكيده وجزمه بأن «الإرهابي» سيبقى طول عمره «إرهابياً»، إذ بذلك الحديث أغلقت وزارة الداخلية باب التراجع والتوبة على «المغرر بهم» بحسب قولها دائماً، أو هي بذلك تقول لهم ابقوا على ما أنتم عليه، فأنتم في نظرنا «إرهابيون» طوال عمركم، ولا مجال لهدايتكم ولإصلاحكم.
ذلك الحديث الذي يمكن أن يكون «زلة لسان» أو «خطأ في التعبير» أو «عدم توفيق» في اختيار المفردات والجملة، خلق حالة من الالتباس؛ لأن وزارة الداخلية تعمل بمبدأ النصح والمناصحة، ولها مواقف في ذلك وخصوصاً مع المقاتلين البحرينيين في الخارج.
في يوم الخميس (29 سبتمبر/ أيلول 2016) أعلن وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة خلال لقائه بالفعاليات المجتمعية، أن وزارة الداخلية بصدد التعاون مع وزارة الداخلية السعودية فيما يخص بـ«تجربة المناصحة».
سبق حديث وزير الداخلية، مطالبات من وزارة الداخلية (27 مارس/ آذار2014) طالبت في بيان لها، المواطنين المخدوعين والمتورطين بالانضمام أو الشروع في الانضمام إلى جماعات إرهابية، وبخاصة المتواجدين حالياً في مناطق النزاع بضرورة العودة إلى رشدهم، والمبادرة بالرجوع إلى أرض الوطن، خلال مدة لا تجاوز أسبوعين، اعتباراً من تاريخ صدور هذا البيان».
«الداخلية» قالت إنها ستعد لهم بالتعاون مع الجهات المعنية ذات الاختصاص، برامج خاصة للمناصحة من بينها الإحاطة بالأفكار والآراء الدينية الصحيحة والتوعية بمصلحة البحرين، كما تستهدف تأهيل العائدين من تلك المناطق لتفادي أي تأثيرات سلبية قد تؤثر عند عودتهم على الاندماج في المجتمع على نحو صحيح.
الكل يعلم بمن فيهم وزارة الداخلية أن المقاتلين ضمن صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق «إرهابيون»، ومع ذلك تعهدت بمسامحتهم في حال عودتهم خلال المدة التي وضعتها سابقاً، كما تعهدت بمناصحتهم وتوعيتهم وتأهيلهم وكذلك إدماجهم في المجتمع، ولم تقل عنهم أنهم «إرهابيون وسيبقون طوال عمرهم إرهابيين».
هناك مفهومان مختلطان، فهناك قول واضح بأن «الإرهابي يظل طول عمره إرهابياً»، بالتالي يتم نشر صورهم والتشهير بهم في كل مكان، وهناك مشروع آخر المتهمون فيه متستر عليهم ولا يشهر بهم ولن تنشر صورهم، بل تحول جلساتهم لسرية، والأكثر من ذلك يمكن «مناصحتهم» وقبول توبتهم بكل يسر وسهولة!
الواقع يشير إلى أن باب التوبة أغلق في وجه المتهمين بـ «الإرهاب» فالعقوبات تم تشديدها، ومدد الحبس الاحتياطي على ذمة تلك القضايا تمت إطالتها، والأحكام بسنوات طويلة سمة لا يمكن لأحد أن ينكرها.
ذلك القول جعلنا نسأل عن أسباب تسمية السجون بمراكز إصلاح وتأهيل، إذا كان «الإرهابي» سيبقى طول عمره «إرهابياً».
كل ما نتمناه ألا يكون هناك توجهان منفصلان عن بعضهما بعضاً، فبرامج المناصحة والتوعية والتأهيل وكذلك الإدماج في المجتمع لطرف يتم التكتم عليه ولا يشهر به، بينما يوصف آخرون بأنهم «إرهابيون طوال عمرهم»، ولا مجال أو فرصة لهم بألا يوصفوا إلا بذلك الوصف «إرهابي»، بل بأنه حتى لا مكان له، بعد أن يتم التشهير بهم ونشر صورهم.
مفهوم التمييز، يكمن في تقسيم الإرهاب لنوعين مميزين أحدهما لن تقبل توبته أبداً فهو «إرهابي»، والثاني يعد له برامج مصالحة وتوبة حتى لو كان متهماً بكونه «داعشيا» مثلاً!
الاعتراض على ما واكب تعديلات قانون «الإرهاب» في البحرين، يكمن في إسقاط حق المتهم أو حتى المذنب والمدان من «التوبة»، إذ سيبقى في نظر البعض «إرهابياً طوال عمره»، هذه النظرة التي ربما تكون غير مقصودة، وإذا كانت «زلة» فإن ذلك يحتاج لتوضيح لم نسمعه منذ ذلك الوقت (ديسمبر 2015)، حتى لا تغلق أبواب كثيرة فتحها رب العزة والجلالة الذي يقبل توبة التائبين، بعد اعترافهم وصدق نواياهم، مثلاً، وحتى نؤمن أيضاً بالتوجه الجديد نحو «المناصحة» وإعادة التأهيل، وألا يكون ذلك الحديث وذلك التوجه ذا وجهين، وجه هم «إرهابيون طوال عمرهم»، ووجه آخر يمكن «مناصحته» وقبول توبته.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/10/01