التوازن بين تخفيض عجز الميزانية وصرف المستحقات
عبدالرحمن ناصر الخريف ..
كثيرا مايتناول المتخصصون والمحللون خلال الربع الأخير من السنة المالية للدولة المواضيع المتعلقة بالتوقعات لأرقام الميزانية القادمة والمنصرف الفعلي للعام الحالي ومستوى العجز والدين العام، ومع أن الأرقام تعتمد على الأساس النقدي – كسيولة فعلية للصرف والتحصيل - وليس وفق مبدأ الاستحقاق فان التقارير التي تعد وفقا لذلك وتُنشر لا تأخذ بالاعتبار المبالغ المستحقة للدولة ولم تُحصل أو المستحقات للمواطنين والموظفين والشركات التي لم تصرف، مما يتطلب أن تكون القراءة الوافية شاملة لتلك المعلومات! ومع انخفاض أسعار النفط وصرف بعض المستحقات من العام الماضي على الميزانية الحالية في ظل نقص الاعتمادات التي أعلنت في بداية الميزانية مازالت هناك مستحقات يتطلب الأمر سرعة معالجتها خلال هذا العام بدلا من ترحيلها للعام القادم وكما حدث سابقاً والذي اضطرت بسببه الدولة بعد أشهر قليلة من بداية العام الحالي لدعم اعتمادات بعض البرامج والمشاريع لصرفها وتمكين المقاولين من صرف رواتب العمالة المتأخرة! فمع الشفافية التي انتهجتها الدولة مؤخرا في الشأن الاقتصادي والمالي ومستوى العجز المالي وإصدار السندات، فان المهم ليس تحجيم رقم العجز بالميزانية وإنما إيجاد حلول للمستحقات وإيقاف الهدر في أي نفقات سواء بمشاريع ليست ذات أولوية أو غيرها من النفقات العالية التي استحدثت مؤخرا لرفع كفاءة الإنفاق العام ولم يستفد منها كما كان منظورا عند إقرارها.
ومع أهمية إعادة الدولة النظر في العديد من المشاريع لتخفيض حجم الالتزامات المستقبلية والذي بدأت فيه منذ العام الماضي، فان هناك أهمية كبرى للمحافظة على كيانات خاصة وطنية كجهات توظيف وعمل بصرف مستحقاتها وكافة مستحقات المواطنين لتوفير مستوى معقول للسيولة تضمن استمرار الأداء لشركات ومنشآت القطاع الخاص بل لنمو القطاع لتولي المجالات التنموية الجديدة وفق برنامج التحول الوطني وكقطاع نشط بالتوظيف للمواطنين والمواطنات وتولي أداء بعض الخدمات التي تؤدى حاليا من الدولة، وقد تكون التصفية النهائية لكل المستحقات - أو معظمها - في نهاية كل عام وما يتحدد من قرارات تتعلق بإلغاء المشاريع وتخفيضها نموذجا للتوازن بين ضبط الإنفاق العام والعجز بالميزانية وصرف المستحقات حتى وان ترتب على ذلك زيادة في قيمة السندات المصدرة لتلافي سلبيات الركود محليا وعدم منح الفرصة لمزيد من الاحتكار للمنشآت الأقدر تحملا وخصوصا أن هناك وضوحا بأن الاتجاه العام لتصحيح أسعار السلع والخدمات، وتبرز أهمية صرف المستحقات وفق برنامج زمني واضح لكون أنه لابد من إيجاد سيولة بالاقتصاد المحلي بديلة للمليارات التي تم إلغاء صرفها شهريا كبدلات وكذلك للمليارات التي ستسحب من السيولة المحلية كرسوم تم رفعها أو استحداثها.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/10/16