المسجد الأقصى تراث إسلامي
سليمان العيدي ..
الشواهد الثابتة التي جعلت اليونيسكو تؤكد وتقر بتراثيتها الإسلامية هي تلك المعالم الموجودة داخل المسجد والأجزاء المحيطة به، والكتابات الإسلامية والنقوش التي دللّت على مرور مئات السنين على هذه الشواهد التي كانت وستظل شاهدة على عروبة وإسلامية هذا الموقع التاريخي
عندما ترجع بالذاكرة إلى تاريخ القدس والمسجد الأقصى يتبادر إلى ذهنك ذلك الكفاح المسُّلح الذي سطره أبناء الأمة العربية للدفاع عن فلسطين لسنوات طويلة يعود تاريخها إلى عقود متقدمة يحكي قصتها الآباء والأجداد من أهالي فلسطين أو عرب فلسطين وأهالي العقيلات من السعوديين ورجالات عبدالعزيز الذين أسهموا في نصرة القضية الفلسطينية، وما زالت وستظل إلى تطهيرها من براثن الاحتلال الصهيوني المغتصب.
وقد انتقيت عنوان المقال تزامنا مع إعلان اليونيسكو المسجد الأقصى تراثا إسلاميا خالصا عجت بها المواقع الإخبارية، وسررنا بها وإن كنا على يقين أن الرابطة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى المبارك رابطة ذكرتها سورة الإسراء، عندما يتحدث القرآن عن هذه الرابطة بقوله (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)، أليست هذه الرابطة التأكيدية تدلل بما لا يدع مجالا أن يتحيَّر في تصنيف المكان والزمان لجهة معينة وينسى أن مصداقية القرآن أكبر دلالة على هذه المرجعية التراثية للمسجد الأقصى حررّه الله من الادعاءات المزعومة.
وإذا رجعنا إلى قصة كيف عاش أهلنا في فلسطين عبر سنوات طويلة تؤكد أهلية المكان وارتباطها بالدين الإسلامي لذكرنا تلك القصة الشهيرة لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وغلامه عندما توجه لاستلام مفاتيح بيت المقدس من البطريارك بعد الفتح العُمري لبيت المقدس والانتصار الذي حققه المسلمون وحتى اليوم، وإسلامية فلسطين ومسجدها من علامات الفتح الإسلامي الخالد، والشاهد على الحضارة الإسلامية التي أهلت أن تقوم اليونيسكو بتسجيلها تراثا إسلاميا إلا أن التاريخ ومن يكتب التاريخ يحاول جاهدا طمس الحقائق ويغيّب ملامح الإنصاف، وعندما ترجع إلى حقبة الانتهاء من الحرب العالمية الثانية عام 1945 تصاعدت هجمات الجماعات الصهيونية حتى تدخلت الأمم المتحدة، وحينها كانت القوات البريطانية قد أعلنت مغادرة فلسطين لتبدأ عملية التقسيم المعروفة بالتاريخ حتى جاءت الهدنة بين إسرائيل والدول المجاورة، مثل الأردن وسورية ولبنان ومصر عام 1949، وتوالت بعد ذلك أحداث تاريخية يرافقها نضال عربي لتحرير الأقصى استمر إلى اليوم، وكانت في مقدمة الداعمين المملكة التي جعلت أولى قضاياها القضية الأم (المسجد الأقصى)، وجاءت حرب 1967 الذي تم على ضوئه احتلال جزء من الأراضي العربية كالضفة الغربية وقطاع غزة والجولان، وبدأ الصراع الإسرائيلي على الادعاءات الكاذبة بالهيكلية وحائط المبكى وتهويد الأرض وبناء المستوطنات بكل أسف والعالم يتفرج حتى جاءت الانتفاضة الأولى والثانية وغيرهما من النضال العربي الذي يؤكد أحقية المسلمين، بكون القدس عربية ومسجدها الأقصى في منظومة التراث الإسلامي ليس دعوى، لكنها الحقيقة التي يزيفها بعض أعداء الأمة الإسلامية من المنظمات الحاقدة على الإسلام وأهله.
ولعل الشواهد الثابتة التي جعلت اليونيسكو تؤكد وتقر تراثيتها الإسلامية هي تلك المعالم الموجودة داخل المسجد والأجزاء المحيطة به، والكتابات الإسلامية والنقوش التي دللّت على مرور مئات السنين على هذه الشواهد التي كانت وستظل شاهدة على عروبة وإسلامية هذا الموقع التاريخي الذي لا يقبل النقاش، وأنا على يقين أن اللجان التي خرجت وقررت هذه الانتمائية لديها من الوثائق التاريخية والموجودات التراثية التي تحكي تاريخ المسلمين في هذا الموقع ما يؤكد أيضا تراثية الأقصى رغم الادعاءات والأكاذيب التي يتفوه بها الأعداء، ودمت يا قدس شامخا بإذن الله ننتظر لحظة الصلاة فيه محررا من ربقة الغاصبين.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/10/29