إحنا وين والديموقراطية وين!
عبد اللطيف الدعيج ..
الديموقراطية ليست انتخابات وحسب. الديموقراطية هي حرية الرأي والتعبير. من دون حرية التعبير، بأي شكل من أشكالها، ليست هناك ديموقراطية، وليس هناك فرد يمارس دوره بحرية وبقدرات كافية تتيح له اختيار ما يعتقد انه لمصلحته. وحرية التعبير لا يمكن أن تتحقق بشكل كامل وفعال من دون «حرية الوصول إلى المعلومات»، أو الأحداث أو الوقائع أو الأحكام القضائية. هنا، نحن لا نفتقد التشجيع المطلوب للبحث والتحري وتكوين القناعات، بل في الواقع فان كل شيء معتم، وكل شيء محفوظ بحظر المساس به.
على الإنسان عندنا أن يولد بعقلية معلبة جاهزة يستمدها، أو هي بالأحرى تفرض عليه، من قبل الموروث الديني والاجتماعي المقدس. هذه العقلية لا يتم فرضها وتلقين أجزائها ومكوناتها للناشئ فقط. بل يتم تحريم المساس بها عليه بعد نضوجه واكتمال نموه، البدني بالطبع، فهو لا ينمو «عقليا» على الإطلاق. بل يولد بعقلية آبائه وأجداده. ويتم هذا التحريم بالطبع بحكم القانون، كما في المادة 19 من قانون الإعلام الكويتي المشؤوم والقوانين اللاحقة والمعدلة له.
لهذا كان طبيعيا أن يتم الحجر على حرية الرأي بكل أشكالها. وأن يتم أيضا تغاضي المواطن عن المساس بهذه الحرية، رغم أن الآباء المؤسسين حرصوا على تحصينها وعدم المساس بها في المادة 175 من الدستور. «الأحكام الخاصة بالنظام الأميري للكويت وبمبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور لا يجوز اقتراح تنقيحها ما لم يكن التنقيح خاصا بلقب الإمارة أو بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة».
بناء على هذه العقلية المتخلفة والقوانين غير الدستورية الجائرة تم شطب مرشحين مميزين للانتخابات، مثل صفاء الهاشم وعبدالحميد دشتي دون أن يكترث أو يستاء أحد. أي أن الحظر على حرية التعبير تحول إلى أداة يستخدمها من يشاء لعزل أو حجب فرص تمثيل الأمة عمن يرى فيه خطرا أو تأثيرا سلبيا عليه.
لا نفترض سوء النية في الشطب هنا ـ تماما كما لا نفترض كمال ونضج من شُطب – لكن يبقى أن لكل فرد حقا في أن يبدي رأيه بحرية في مجتمع ديموقراطي. وإلا تتم بأي حال من الأحوال محاسبته سياسيا في وقت لاحق أو بعد فترة، كما حدث للبعض على ممارسة حريته وتمتعه بالحقوق التي حرص المؤسسون الأوائل على توفيرها وضمانها له.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2016/11/06