مفاهيم مقلوبة وثقة مفقودة!!
سالم بن أحمد سحاب ..
كأنما الأصل هو الغش، وكأنما افتراض الاحتيال هو عين الحكمة والصواب! وعندما يكون هذا الشعور مسيطراً على المجتمع، فقل عليه السلام، وقل للطمأنينة (ارحلي) مأسوفاً عليك ومشفوعة بحسرة وندامة.
بات الغش في المطاعم والطعام، وفي الطب والتطبيب، وفي العقود وفي البناء، هو الأصل والسائد وهو العرف الغالب.
اقرأوا إن شئتم الخبر الذي نشرته المدينة (6 أكتوبر) عن الحملات التفتيشية التي قامت بها الهيئة العامة للغذاء والدواء بالتعاون مع الجهات الأمنية في الرياض وأسفرت عن إغلاق 80 محلاً لبيع الأجهزة والمنتجات الطبية، وضبط أكثر من 28 ألف جهاز ومنتج طبي مخالف معروضة للبيع في 268 محلاً لبيع الأجهزة والمنتجات الطبية خلال فترة 15 شهراً.
ومن هذه الأجهزة والمنتجات المغشوشة 333 جهازاً للقسطرة الطبية، 8746 مشرطاً وأدوات جراحية، 844 جهازاً لقياس ضغط الدم، 382 جهاز قياس السكر في الدم وأكثر من 13 ألفاً من المستلزمات الأخرى.
هذه في الرياض فقط! ولا أحسب أن جدة عنها ببعيد فضلاً عن المدن الأخرى. ولئن طال الغش والتزوير شهادات كثير من العاملين في المجال الصحي بما في ذلك بعض الأطباء، فمن باب أولى أن يطال أجهزة ومنتجات ومستلزمات طبية.
لا أعلم كيف يمكن بناء الثقة في أي سلعة تُباع في متاجرنا ومحلاتنا المتخصصة! حتى الأدوات الصحية والأجهزة الكهربائية لا تسلم من هكذا سلوك! وكم من سلعة تُنتج في مصانع رديئة في الصين، ثم يطبع عليها صُنع في ألمانيا أو اليابان أو الولايات المتحدة! باختصار يتزايد الشعور بفقدان الثقة يوماً بعد يوم في أسواقنا ومتاجرنا ومطاعمنا وورش الصيانة وحلقات الخضار وحتى المخابز.
وعندما يسود الغش يصبح الكذب هو السلوك الرائج والمنفذ السهل والوسيلة الأسرع للكسب الحرام، وللإفلات من المسئولية والعقاب. عندها لا ينبغي التعجب من انحباس المطر وانتشار الإحباط وتغلغل الفساد.
إنها مؤشرات خطيرة مؤلمة لانحراف المجتمع، ولتجاهله واحداً من أهم المبادئ التي ظللنا نرددها بفهم وغير فهم والتي يجملها الصادق الأمين عليه السلام بقوله: (من غشنا فليس منا)!
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/11/07