آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فواز العلمي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

مفهوم ضريبة القيمة المضافة الخليجية

 

فواز العلمي ..

عبء ضريبة القيمة المضافة لا يقع على المستهلك فقط، بل يتحمل البائع جزءا منه، مما يضاعف فوائد هذه الضريبة في الدول الخليجية ويصبح أثرها إيجابيا على تخفيف الهدر وترشيد الاستهلاك

 

 لزيادة إيراداتها السنوية والاستمرار في مسيرتها التنموية، من المتوقع أن تبدأ الدول الخليجية بتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% على السلع والخدمات مع بداية عام 2017، باستثناء 94 سلعة غذائية وطبية، و3 قطاعات خدمية رئيسية للرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم، لتحقق الدول الخليجية دخلا سنويا صافيا يقدر بحوالي 41 مليار دولار ويعادل 1.7% من إجمالي الناتج الخليجي.

 

وعلما بأن ضريبة القيمة المضافة تطبق اليوم في 150 دولة وتشمل جميع الدول الأوروبية وكندا ودول أميركا الجنوبية ومعظم الدول الآسيوية ونصف الدول الإفريقية، إلا أن الدول العربية التي تطبقها لا تزيد عن 4 دول فقط، وهي الجزائر والمغرب وتونس ومصر. وتُعَّد أميركا الشمالية والهند من أبرز الدول التي لا تطبقها، وذلك لصعوبة فرضها بطريقة مركبة في هاتين الدولتين بسبب نظامهما الفيدرالي.

 

خلافا للرأي الشائع، فإن عبء ضريبة القيمة المضافة لا يقع على المستهلك فقط، بل يتحمل البائع جزءا منه، مما يضاعف فوائد هذه الضريبة في الدول الخليجية ويصبح أثرها إيجابيا على تخفيف الهدر وترشيد الاستهلاك وعدم تشويه الإنتاج. كما أنها ضريبة غير مباشرة لأنها تستوفى من المؤسسات التي تبيع المنتجات والخدمات في كل مرحلة من مراحل التصنيع والتوزيع والاستهلاك، إضافة إلى أنها ضريبة حيادية لا تؤثر سلبا على هيكلة الأسعار ولا تمس بالقواعد التنافسية التي تراعي الاقتصاد المحلي، بل تشمل مبدأ التخفيض والحسم أو الاستعادة، مما يساعد على عدم تراكم عبئها الضريبي.

 

ومنذ بدء فرضها في عام 1954، نتيجة لتوصية أخصائي الضرائب الفرنسي "موريس لوريه"، أصبحت ضريبة القيمة المضافة اليوم أحدث أنواع الضرائب المفروضة حول العالم، والتي يبلغ عددها 16 نوعا. ولقد أدى نجاحها عبر العقود الثلاثة الماضية، من خلال زيادة عوائدها إلى 20% من إجمالي العوائد الضريبية في كافة أرجاء المعمورة وارتفاع مساهمة دخلها إلى 5% من إجمالي الناتج العالمي، إلى تهافت الدول النامية والمتقدمة على حد سواء لإحلالها محل ضريبة المبيعات.

 

لذا تسعى الدول الخليجية إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة لتمتعها بالمزايا التالية:

 

أولا: تتمتع ضريبة القيمة المضافة بالحيادية وعدم الازدواجية، لذا فإن فرضها في كل دولة خليجية على حدة سيكون تراكميا وشاملا وبمعدل واحد في مختلف أرجاء الدولة، لتؤمن إيرادا ثابتا ومنتظما. كما تتيح للدولة أن تتدخل بحسم قيمتها أو تخفيضها على المستثمرين لتحفيزهم على الاستثمار وجذب رؤوس أموالهم، مما يؤدي إلى تخفيض تكاليفهم وزيادة السيولة في مشاريعهم، إضافة إلى تشجيع صادراتهم بفضل إمكانية استعادتهم للضريبة المدفوعة لدى تصدير منتجاتهم وخدماتهم.

 

ثانيا: عدم تعارض فرض ضريبة القيمة المضافة بنسب مختلفة ومتفاوتة في الدول الأعضاء بالأسواق المشتركة أو اتفاقات التجارة الحرة، وذلك لأن أحكامها تعود أصلا لفرضها على فارق السعر بين سعر الإنتاج وقيمة البيع في كل دولة على حدة، إضافة إلى فرضها بالتساوي على المنتجات والخدمات التي يستهلكها الأفراد على مختلف مستوياتهم. لذا نجح الاتحاد الأوروبي في تطبيق هذه الضريبة بنسب متفاوتة بين 27 دولة، أقلها في قبرص ولوكسمبورج بنسبة 15%، وأعلاها في السويد والدنمارك بنسبة 25%.

 

ثالثا: تعتبر ضريبة القيمة المضافة حيادية وغير ازدواجية في تحقيق أهدافها، ليتم تطبيقها على جميع المواطنين والوافدين بعدالة ومرونة ودون تمييز، مع إمكانية فرضها بنسب تنازلية على ذوي الدخل المحدود، وإعفاء المنتجات والخدمات الضرورية منها، مثل الغذاء والدواء والأنشطة الطبية.

 

رابعا: تخضع أحكام ضريبة القيمة المضافة لمبدأي المعاملة الوطنية وحق الدولة الأولى بالرعاية المشمولة باتفاقات منظمة التجارة العالمية، لذا تزايدت أهميتها في النظام العالمي الجديد، وتعاظم دورها في تحقيق أهداف الدولة المالية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية.

 

خامسا: تنفرد ضريبة القيمة المضافة بإمكانية استيفائها بنسب متفاوتة في كل مرحلة من مراحل الدورة الاقتصادية، بدءا من الإنتاج ومرورا بالتوزيع وانتهاء بالاستهلاك، مما يجعل منها ضريبة مركبة غير مباشرة، لتسهم في ترشيد مستويات الإنفاق في القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية والتوزيعية، وتصبح أقل الضرائب ضررا على النمو الاقتصادي لثبات مردودها وعدم تأثرها بتغير دخل الفرد أو قيمة ثروته.

 

سادسا: تختلف ضريبة القيمة المضافة عن ضريبة المبيعات المرتبطة بالسلع فقط والمفروضة على المستهلك في مرحلة البيع النهائي، حيث تعتبر قيمة الضريبة المضافة شاملة وتداخلية ومرتبطة بالسلع والخدمات خلال سلسلة مراحل التوريد، بما في ذلك مرحلة البيع النهائي لضمان الحفاظ على الفرص المتكافئة للموردين المحليين الذين يتاجرون بالسلع والخدمات. لذا تفرض قيمتها بنسبة موحدة وبمعدل واحد في كل دولة خليجية لتؤمن إيرادا وفيرا ومنتظما وتشكل حافزا مهما للاستثمار، نتيجة لأنها تستوفى على الإنفاق الاستهلاكي وليس الاستثماري.

 

وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن تقرير الأنظمة الضريبية المفروضة في 185 دولة حول العالم، الصادر خلال العام الماضي عن البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، أكد أن الدول الخليجية تعتبر أقل دول العالم فرضا للضرائب، حيث حققت دولة الإمارات المرتبة الأولى، تلتها قطر ثم السعودية، بينما حلت البحرين في المرتبة السابعة، وجاءت كل من سلطنة عُمان ودولة الكويت في المرتبتين العاشرة والحادية عشرة، بينما احتلت الدول الغنية المراكز المتقدمة في نسبة عوائد الضرائب إلى ناتجها المحلي الإجمالي، لتصل إلى 46.8% في الدنمارك، و47.9% في السويد، و46.8% في بلجيكا، و43.6% في فلندا.

 

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2016/11/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد