طلال القشقري ..

لو قلتُ لكم: إنّ جهة ما رفعت شعار «المساعدة النفسية حقّ للجميع»، فمن تظنّونها يا تُرى؟.

وزارة الشؤون الإسلامية؟ وزارة الصحة؟ وزارة الشؤون الاجتماعية؟ لا، لا، لا، إنها بنوكنا، وتضعه على شاشات ماكينات صرفها الآلية، ويراه الملايين ليل نهار، في غدوِّهم ورواحهم، ٢٤ / ٧، أي ٢٤ ساعة يومياً و٧ أيام في الأسبوع!.

لكن للأسف هو شعار بالقول لا بالفعل، وبنوكنا أصلاً لها سوابق برفع شعارات هي أقوال عكس الأفعال!.

في السابق رفعت شعار حملتها «حافظ على البيئة»، واستخدمته لحثّ الناس على عدم طلب إيصالات ورقية بعد الصرف من ماكيناتها، بهدف ألّا تتراكم كنفايات، وألّا تُلوِّث البيئة عند إحراقها في المرادم البلدية، وهدفها في واقع الأمر هو توفير تكلفة شراء ورق الإيصالات!.

أمّا الشعار الحالي «المساعدة النفسية حقّ للجميع» فهو شعار استفزازي للناس بكلّ ما تعنيه الكلمة، والبنوك أصلاً هي أكبر مُسبّبات أمراضهم النفسية، فمن ينسى دورها السلبي خلال انهيار سوق الأسهم ومرض الآلاف من المساهمين نفسياً؟ وسجْن بعضهم؟ وموت بعضهم الآخر؟ ومن ينسى مسلسل القروض المستمر ذات الفوائد والرهونات والأقساط المُرهِقة التي لا تُراعي بها ظروف الناس ولا تذبذب دخولهم المادية ومناسباتهم المعيشية مثل رمضان والعيد؟ وهي تنأى بنفسها عن المساهمة في الأعمال الخيرية للوطن الذي له الفضل الأكبر عليها ولو باستغلال جزء يسير من أرباحها المليارية، فأيّ مساعدة نفسية مُستحقّة للجميع تتحدّث عنها؟! إنها تمثل دور الطبيب النفسي الحنون وما هي كذلك، ومعظم شعاراتها كوميديا مُضحِكة ومُغيّبة عن الواقع، تماماً مثلما تغيّبت مؤسّسة النقد عن دورها في مراقبتها ومحاسبتها فصارت إمبراطوريات تقول ما لا تفعل، وتفعل ما تشاء، ولا يهمّها أحد!.

صحيفة المدينة